حكى الأصمعي قال :
كنتُ أسير في أحد شوارع الكوفة
فاذا بأعرابيّ
يحمل قطعةً من القماش ،
فسألني أن أدلّه على خياطٍ قريب . فأخذته
إلى خياطٍ يُدعى زيداً ، وكان أعور ،
فقال الخياط : والله لأُخيطنّه خياطةً
لا تدري أقباء هو أم دراج ، فقال الأعرابيّ :
والله لأقولن فيك شعراً لا
تدري أمدحٌ هو أم هجاء .
فلما أتم الخياط الثوب أخذه الأعرابيّ
ولم يعرف هل يلبسه على انه قباء
أو دراج ! فقال في الخياط هذا الشعر :
خَاطَ لي زَيْدٌ قِبَــــــاء ***** ليتَ عينيه سِـــــــوَاء
فلم يدرِ الخياط أدُعاءٌ له أم دعاءٌ عليه
وقف اعرابي معوج الفم أمام أحد الولاة فألقى عليه قصيدة في الثناء عليه التماساً لمكافأة, ولكن الوالي لم يعطه شيئاً فسأله الوالي: ما بال فمك معوجاً؟.
فرد الشاعر:لعله عقوبة من الله لكثرة الثناء بالباطل على بعض الناس
جيء بأعرابيّ إلى أحد الولاة لمحاكمته على جريمة أُتهم بارتكابها ، فلما دخل على الوالي في مجلسه ، أخرج كتاباً ضمّنه قصته ، وقدمه له وهو يقول : هاؤم إقرأوا كتابيه ..فقال الوالي : إنما يقال هذا يوم القيامة .
فقال : هذا والله شرٌّ من يوم القيامة ، ففي يوم القيامة يُؤتى بحسناتي وسيئاتي ، أما أنتم فقد جئتم بسيئاتي وتركتم حسناتي
تزوّج أعرابيّ على كبر سنه ،
فعوتب على مصير أولاده القادمين ، فقال :
أبادرهم باليتم قبل أن يبادروني بالعقوق
أوقد أعرابيّ ناراَ يتّقي بها برد الصحراء في
الليالي القارسة ، ولما جلس
يتدفّأ ردّد مرتاحاَ :
اللهم لا تحرمنيها لا في الدنيا ولا في الآخرة
قيل لأعرابيّ : ما يمنعك أن تغزو ؟
فقال : والله إني لأبغض الموت على
فراشي فكيف أمضي اليه ركضاً
ترقبوا الجزء الثالث