الرقية الشرعية
بقلم الشيخ الدكتور
محمد إبراهيم ماضي
عن أنس رضي الله عنه قال: قال - رسول الله صلى الله عليه وسلم - : (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وأن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضى فله الرضى، ومن سخط فله السخط). أخرجه الترمذي في سنته (2398)
من أسباب دفع البلاء:
1- اليقين وحسن الظن بالله عز وجل وبكلامه وأن يتيقن بأن فيه الشفاء فهو الأصل في العلاج قال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين).
2- استشعار عظمة الخالق والإلتجاء إليه والتعلق به ودعاؤه والتوبة إليه، فهو الشافي وحده، فإن أصابك عارض فالرقية على النفس أفضل من رقية غيرك عليك.
3- حفظ العبد ربه بامتثال أوامره كالمحافظة على الصلوات جماعة في المسجد، واجتناب نواهيه كترك النظر المحرم والابتعاد عن الشاشات الهابطة التي أضرت بعض الأسر، وتسببت في شقائها، وترك استماع الأغاني الذي انتشر في حفلات الزواج: قال صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يحفظك) (صحيح الجمع/7957)
4- الإكثار من الأوراد والأذكار المستمدة من القرآن والسنة المطهرة، وذكر الله على كل حال كأذكار الصباح والمساء والورد اليومي وأذكار النوم وأذكار ما بعد الصلاة، قال تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) ومن الأذكار التي تحفظك من شياطين الجن والإنس بإذن الله "لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" في اليوم مئة مرة.
5- المداومة على الأعمال الصالحة فهي تقوي الإيمان، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: (أدومها وإن قل). رواره البخاري
ومن الأعمال الصالحة:
أ- المداومة على قراءة وحفظ ما تيسر من القرآن، وتدبر آياته. والمكث في المسجد.
ب- المداومة على السنن التطوعية كالسنن الرواتب وقيام الليل وصلاة الضحى.
ج- بر الوالدين، وصلة الأرحام حتى وإن قطعوا.
د- صيام التطوع كصيام أيام البيض والإثنين والخميس، وأيام التسع من ذي الحجة.
ه- استغلال الوقت بما هو مفيد، كطلب العلم الشرعي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخير معين الصحبة الصالحة.
و- الإحسان إلى الناس والصدقة، عن أبي أمامة - رضى الله عنه - قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (داووا مرضاكم بالصدقة). (صحيح الجامع/2258).
(المرض الغالب على الناس) –العين-
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (أكثر من يموت من أمتى بعد قضاء الله وقدره بالعين). رواه البخاري
قال فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين: العين يتبعها شيطان من شياطين الجن فتؤثر في المعين بإذن الله الكوني القدري، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين). (صحيح الجامع/4147).
أمثلة على العين:
بعض أمراض السرطان أو الجلطة أو الربو أو الشلل أو العقم أو السكر أو الضغط أو عدم انتظام الدورة الشهرية للنساء أو الأمراض النفسية كالاكتئاب وأمراض التوحد والوسواس.
منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في العلاج:
الجمع بين الأصل الدوائي وهي الرقية الشرعية، والسبب الدوائي وهي الأمور المادية الطبية.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (عليكم بالشفائين: القرآن والعسل) أخرجه ابن ماجة في السنن (2/1142) بإسناد صحيح.
قواعد في الرقية:
1- القراءة بنية الشفاء لهذا المريض، فالقرآن لو نزل على جبال لصدعها أفلا يشفي جسماً من لحم ودم؟. وقال ابن القيم: "فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة" حتى لو طالت المدة، قال تعالى: (سيجعل الله بعد عسر يسرا).
2- القراءة بنية الدعوة لهذا المريض باستشعار الآيات وللمتلبس(الجان) بالهداية: فنجد التأثير العجيب بدون مخاطبة.
3- القرءة التصورية فلا يكفي مجرد القراءة ولكن لا بد من تصور معاني الآيات والتأثير بها كطريقة شيخ الإسلام ابن تيمية في كيفية تصور تصوراً علاجياً لمريض النزيف حيث شبه الأرض بالإنسان (الأرض في بلعها للماء والإحساس بتوقف النزيف، وأن هذا النزيف بلعته تلك الأرض، وأن مصدر النزيف اقلع وأن النزيف غاض وأن الأمر انتهى.(كتاب: زاد العاد-ج4-385).
علامة الإنسان المصاب بالعين:
غالباً الأعراض ان لم تكن مرضاً عضوياً: (صداع-صفرة في الوجه-كثرة التعرق والتبول-ضعف الشهية-تنمل أو حرارة أو برودة في الأطراف-خفقان في القلب-ألم منتقل أسفل الظهر والكتفين- حزن وضيف في الصدر- أرق في الليل-إنفعالات شديدة من خوف وغضب غير طبيعي) وقد توجد هذه العلامات أو بعضها حسب قوة العين وكثر العائنين.
الآيات والأوراد التي تقرأ على المعيون: القرآن كله شفاء.
وإليك بعض الآيات: سورة الفاتحة – أية الكرسي -خواتيم سورة البقرة )وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً(الكهف39 – )الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ )3( ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ(الملك 4،3 – )وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ(القلم51- سورة الإخلاص والمعوذتين - )وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً( الإسراء82 - )وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ( الشعراء80 - )يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ( يونس57 )وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ( الأنعام13 – )فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ( التوبة129 سبع مرات
ومن الأدعية: (اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك) سبع مرات - (أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة) ثلاث مرات ( اللهم رب الناس، اذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما) ثلاث مرات-(اللهم اذهب عنه حرها وبردها ووصبها).
وختاماً... لا بد من اليقين وحسن الظن بالله والتوبه إليه، فالقرآن الكريم هو أصل دوائي في علاج الأمراض الروحية والعضوية والنفسية، وقد تمت الرقية على كثير من الأمراض وبخاصة المستعصية منها وتم الشفاء منها بفضل من الله ومنه. وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.