الأرض وجبالها وترابها وبلادها
وقراها ودورها وأبنيتها وقصورها وحصونها ومرافقها ومفاوزها وسرابها ورمالها وتلالها
وحماماتها وأرحيتها وأسواقها وحوانيتها وسقوفها وأبوابها وطرقها وسجونها وبيعها
وكنائسها وبيوت نيرانها ونواويسها وما أشبه ذلك أما الأرض فتدل على الدنيا لمن
ملكها على قدر اتساعها وكبرها وضيقها وصغرها وربما دلت الأرض على الدنيا والسماء
على الآخرة لأنّ الدنيا أدنيت والآخرة أخرت سيما أنّ الجنة في السماء وتدل الأرض
المعروفة على المدينة التي هو فيها وعلى أهلها وساكنها.
وتدل على السفر إذا
كانت طريقاً مسلوكاً كالصحارى والبراري وتدل على المرأة إذا كانت مما يدرك حدودها
ويرى أولها وآخرها.
وتدل على الأمة والزوجة لأنّها توطأ وتحرث وتبذر وتسقى
فتحمل وتلد وتضع نباتها إلى حين تمامها.
وربما كانت الأرض أماً لأن خلقنا منها.
فمن ملك أرضاً مجهولة استغنى إن كان فقيراً وتزوج إن كان عزباً وولي إن كان
عاملاً.
وإن باع أرضاً أو خرج منها إلى غيرها مات إن كان مريضاً سيما إن كانت
الأرض التي انتقل إليها مجهولة وافتقر إن كان موسراً سيما إن كانت الأرض التي
فارقها ذات عشب وكلأ أو خرج من مذهب إلى مذهب إن كان نظاراً.
فإن خرج من أرض
جدبة إلى أرض خصبة انتقل من بدعة إلى سنة وإن كان على خلاف ذلك فالأمر على ضده وإن
رأى ذلك مؤمل السفر فهو ما يلقاه في سفره فإن رأى كأنّ الأرض انشقت فخرجٍ منها شاب
ظهرت بين أهلها عداوة فإن خرج منها شيخ سعد جدهم ونالوا خصباً وإن رآها انشقت فلم
يخرج منها شيء ولم يدخل فيها شيء حدث في الأرض حادثة شر فإن خرج منها سبع دل على
ظهور سلطان ظالم فإن خرج حية فهي عذاب باق في تلك الناحية.
وإن انشقت الأرض
بالنبات نال أهلها خصباً فإن رأى أنّه يحفر الأرض ويأكل منها نال مالاً بمكر لأنّ
الحفر مكر فإن رأى أرضاً تفطرت بالنبات وفي ظنه أنّه ملكه وفرح بذلك دل على أنّه
ينال ما يشتهي ويموت سريعاً لقوله تعالى: " حتّى إذا فَرِحوا بما
أوتوا أخَذْناهُم بَغْتَةً " .
ومن تولى طي الأرض بيده نال ملكاً وقيل
إن طيء الأرض أصاب ميراثاً.
وضيق الأرض ضيق المعيشة.
ومن كلمته الأرض
بالخير نال خيراً في الدين والدنيا وكلامها المشتبه المجهول المعنى مال من شبهة.
والخسف بالأرض: زوال النعم وانقلاب الأحوال والغيبة في الأرض من غير حفر طول
غربة في
طلب الدنيا أو موت في طلب الدنيا.
فإن غاب في حفيرة ليس فيها منفذ
فإنّه يمكر به في أمر بقدر ذلك.
ومن كلمته الأرض بكلام توبيخ فليتق الله فإنّه
مال حرام.
ومن رأى أنّه قائم في مكان فخسف به فإن كان والياً فإنه تنقلب عليه
الدنيا ويصير الصديق عدوه وسروره غماً لقوله تعالى: " فَخَسَفنْا
بهِ وبدارِهِ الأرْض " فإن رأى محلة أو أرضاً طويت على الناس فإنّه يقع هناك
موت أو قال وقيل يهلك فيه أقوام بقدر الذي طويت عليهم أو ينالهم ضيق وقحط أو شدة.
فإن كان ما طوي له وحده فهو ضيق معيشته وأموره.
فإن رأى أنّها بسطت له أو
نشرت له فهو طول حياته وخير يصيبه.
المفازة: اسمها مستحب وهي فوز من شدة إلى
رخاء ومن ضيق إلى سعة ومن ذنب إلى توبة ومن خسران إلى ربح وٍ من مرض إلى صحة.
ومن رأى أنّه في بر فإنّه يناله فسحة وكرامة وفرحاً وسروراً بقدر سعة البر
والصحراء وخضرتها و زرعها.
والأرض القفر: فقر والوادي بلا زرع حج لقوله تعالى:
" رَبّنا إنّي أسْكَنْتُ مِنْ ذرّيتي بوادٍ غيرِ ذي زرع "
ومن رأى أنّه يهيم في واد فإنّه يقول ما لا يفعل لقوله تعالى عن
الشعراء: " أَلَمْ تَرَ أَنّهُمْ في كُلِّ وادٍ يَهيمونَ وأنّهُمْ
يقولونَ ما لا يَفْعَلون " .
الجبل: ملك أو سلطان قاسي القلب قاهر أو
رجل ضخم على قدر الجبل وعظمه وطوله وقصره وعلوه.
ويدلك على العالم والناسك ويدل
على المراتب العالية والاماكن الشريفة والمراكب الحسنة و الله تعالى خلق الجبال
أوتاداً للأرض حين اضطربت فهي كالعلماء والملوك لأنّهم يمسكون ما لا تمسكه الجبال
الراسية وربما دل على الغايات والمطالب لأن الطالع إليه لا يصعد إلا بجاهه فمن رأى
نفسه فوق جبل أو مسنداً إليه أو جالساً في ظله تقرب من رجل رئيس واشتهر به واحتمى
به إما سلطان أو فقيه عالم عابد ناسك فكيف به إن كان فوقه يؤذن أذان السنة مستقبل
القبلة أو كان يرمى عن قوس بيده فإنّه يمتد صيته في الناس على قدر امتداد صوته
وتنفذ كتبه وأوامره إلى المكان الذي وصلت إليه سهامه.
وإن كان من رأى نفسه عليه
خائفاً في اليقظة أمن وإن كان في سفينة نالته في بحره شدة وعقبة يرشى من أجلها قال
ابن سيرين: الجبل حينئذٍ عصمة إلا أن يرى في المنام كأنّه فر من سفينة إلى جبل
فإنّه يعطب ويهلك لقصة ابن نوح.
وقد يدل ذلك على من لم يكن في يقظته في سفينة
ولا بحر على مفارقة رأي الجماعة والانفراد
بالهوى والبدعة فكيف إذا كان معه وحش
الجبال وسباعها أو كانت السفينة التي فر منها إلى الجبل فيها قاض أو رئيس في العلم
أو إمام عادل.
وأما صعود الجبال فإنّه مطلب يطلبه وأمر يرومه فيسأل عما قد هم
به في اليقظة أو أمله فيها من صحبة السلطان أو عالم أو الوقوف إليهما في حاجة أو في
سفر في البر وأمثال ذلك.
فإن كان صعوده إياه كما يصعد الجبال أو بدرج أو طريق
آمن سهل عليه كل ما أهله وخف عليه كل ما حوله.
وإن نالته فيه شدة أو صعد إليه
بلا درج ولا سلم ولا سبب ناله خوف وكان أمره غرراً كله.
فإن خلص إلى أعلاه نجا
من بعد ذلك.
وإن وهب من نومه دون الوصول أو سقط في المنام هلك في مطلوبه وحيل
بينه وبين مراده أو فسد دينه في عمله وعندها ينزل به من التلاف والإصابة من الضرر
والمصيبة والحزن على قدر ما انكسر من أعضائه.
وأما السقوط من فوق الجبل
والكوادي والروابي والسقوف 0 وأعالي الحيطان والنخل والشجر فإنّه يدل على مفارقة من
يدل ذلك الشيء الذي سقط عنه في التأويل عليه من سلطان أو عالم أو زوج أو زوجة أو
عبد أو ملك أو عمل أو حال من الأحوال يسأل الرائي عن أهم ما هو عليه في يقظته مما
يرجوه ويخافه ويقدمه ويؤخره في فراقه له ومداومته إياه فإن شكلت اليقظة لكثرة ما
فيها من المطالب والأحوال أو لتغيرها من الآمال حكم له بمفارقة من سقط عنه في
المنام على قدر دليله في التأويل.
ويستدل على التفرقة بين أمريه على قدر دليله
وأنّ علمه باستكماله من الشيء الذي كان عليه وقوته وضعفه واضطرابه ربما أفضى إليه
من سقوطه من جدب أو خصب أو وعر أو سهل أو حجر أو رمل أو أرض أو بحر ربما عاد عليه
في جسمه في حين سقوطه ويدل على السقوط في المعاصي والفتن والردى إذا كان سقوطه فيما
يدل على ذلك مثل أن يسقط إلى الوحش والغربان والحيات وأجناس الفأر أو إلى القاذورات
والحمأة وقد يدل ذلك على ترك الذنوب والإقلاع عن البدع إذا كان فراره من مثل ذلك أو
كان سقوطه في مسجد أو روضة أو إلى نبي أو روضة أو إلى نبي أو أخذ مصحف أو إلى صلاة
في جماعة.
وأما ما عاد إلى الجبل من سقوط أو هدم أو احتراف فإنّه دال على هلاك
من دل الجبل عليه أو دماره أو قتله إلا أن يرتفع في الهواء على رؤوس الخلق فإنه خوف
شديد يظل على الناس من ناحيه الملك لأن بني إسرائيل رفع الجبل فوقهم كالظلة تخويفاً
من الله لهم وتهديداً على أما تسيير الجبال فدليل على قيامة قائمة إما حرب تتحرك
ففيه الملوك بعضها على بعض أو اختلاف واضطراب يجري بين علماء الأرض في فتنة وشدة
يهلك فيها العامة وقد يدل ذلك على موت وطاعون لأنّها من علامات القيامة وأما رجوع
الجبل زبداً أو رماداً أو تراباً فلا خير فيه لمن دل الجبل عليه لا في حياته ولا في
دينه فإن كان المضاف إليه ممن عز بعد ذلته وآمن بعد كفره واتقى الله من بعد طغيانه
عاد إلى ما كان عليه ورجع إلى أولى حالتيه لأن الله تعالى خلق الجباك فيما زعموا من
زبد الماء والزبد باطل كما عبر به تعالى في كتابه.
والجبل الذي فيه الماء
والنبات والخضرة فإنّه ملك صاحب دين.
وإذا لم يكن فيه نبات ولا ماء فإنّه ملك
كافر طاغ لأنِّه كالميت لا يسبح الله تعالى ولا يقدسه.
والجبل القائم غير
الساقط فهو حي وهو خير من الساقط والساقط الذي صار صخوراً فهو ميت لأنّه لا يذكر
الله ولا يسبحه.
ومن ارتقى على جبل وشرب من مائه وكان أهلاً للولاية نالها من
رجل ملك قاسي القلب نفاع وما لا يقدر ما شرب وإن كان تاجراً ارتفع أمره وربح وسهولة
صعوده فيه سهولة الإفادة للولاية من غير تعب.
والعقبة عقوبة وشدة فإنّ هبط منه
نجا وإن صعد ارتفاع وسلطنة مع تعب.
والصخور التي حول الجبل والأشجار قواد ذلك
المكان.
وكل صعود رفعة وكل هبوط ضعة وكل طلوع يدل على هم فنزوله فرج وكل صعود
يدل على ولاية فنزوله عزل.
وإن رأى أنّه حمل جبلاً فثقل عليه فإنّه يحمل مؤونة
رجل ضخم أو تاجر يثقل عليه فإن خف خف عليه.
فإن رأى أنّه دخل في كهف جبل فإنّه
ينال رشداً في دينه وأموره ويتولى أمور السلطان ويتمكن.
فإن دخل كهف جبل في غار
فإنّه يمكر بملك أو رجل منيع فإن استقبله جبل استقبله هم أو سفر أو رجل منيع أو أمر
صعب أو امرأة صعبة قاسية فإن رأى أنّه صعد الجبل فإن الجبل غاية مطلبه يبلغها بقدر
ما أنّه صعد حتى يستوي فوقه.
وكل صعود يراه الإنسان أو عقبة أو تل أو سطِح أو
غير ذلك فإنّه نيل ما هو طالب من قضاء الحاجة التي يريدها والصعود مستوياً مشقة ولا
خير فيه.
فإن رأى أنّه هبط من تل أو قصر أو جبل فإنّ الأمر الذي يطلبه ينتقص
ولا يتم ومن رأى أنّه يهدم جبلاً فإنّه يهلك رجلاً ومن رأى أنّه يهتم بصعود جبل أو
يزاوله كان ذلك الجبل حينئذٍ غاية يسمو إليها فإن هو علاه نال أمله فإن سقط عنه
يغترب حاله.
والصعود المحمود على الجبل أن يعرج في ذلك كما يفعل صاعد الجبل.
وكل الإرتفاع محمود إلا أن يكون مستوياً لقوله تعالى: "
سأرْهِقُهُ صَعُوداً " .
فإن رأى أنّه يأكل الحجر: فإنّه ييئس من رجاء
يرجوه.
فإن أكله مع الخبز فإنّه يداري ويحتمل بسبب معيشته صعوبة.
فإن رأى
أنّه يحذف الناس بالحجر فإنّه يلوط لأنّ الحذف من أفعال قوم لوط.
التراب: يدل
على الناس الأرض وبه قوام معاش الخلق والعرب تقول: أترب الرجل إذا استغنى.
وربما دل على الفقر والميتة والقبر لأنّه فراش الموتى.
والعرب تقول: ترب
الرجل إذا افتقر.
وقال تعالى: " أوْ مِسْكيناً ذا مَتْرَبة "
فمن حفر أرضاً واستخرج ترابها فإن كان مريضاً أو عنده مريض فإن ذلك قبره
وإن كان مسافراً كان حفره سفرهِ وترابه كسبه وماله وفائدته لأنّ الضرب في الأرض سفر
لقولْه تعالى: " وآخرون يَضْرِبونَ في الأرض " .
وإن
كان طالباً للنكاح كانت الأرض زوجة والحفر افتضاضاً والمعول الذكر والتراب مال
المرأة أو دم عذرتها.
وإن كان صياداً فحفره ختله للصيد وترابه كسبه وما يستفيده
وإلا كان حفره مطلوباً يطلبه في سعيه ومكسبه مكراً أو حيلة.
وأصل الحفر ما يحفر
للسباع من الزبى لتسقط فيها فلزم الحفر المكر من أجل ذلك.
وأما من عفر يديه من
التراب أو ثوبه من الغبار أو به تمعك في الأرض فإن كان غنياً ذهب ماله ونالته ذلة
وحاجة وإن كان عليه دين أو عنده وديعة رد ذلك إلى أهله وزال جميعه من يده واحتاج من
بعده وإن كان مريضاً نقصت يده من مكاسب الدنيا وتعرى من ماله ولحق بالتراب.
وضرب الأرض بالتراب دال على المضاربة بالمكاسبة وضربها بسيرِ أو عصا يدل على
سفر بخير وقال بعضهم: المشي في التراب التماس مال فإن جمعه أو أكله فإنه يجمِع
مالاً ويجري على يديه مال وإن كانت الأرض لغيره فالمال لغيره فإن حمل شيئاً من
التراب أصاب منفعة بقدر ما حمل فإن كنس بيته وجمع منه تراباً فإنّه يحتال حتى يأخذ
من امرأته مالاً فإن جمعه من حانوته جمع مالاً من معيشته.
ومن رأى أنّه يستف
التراب فهو مال يصيبه لأنّ التراب مالك ودراهم فإن رأى
أنّه كنس تراب سقف بيته
وأخرجه فهو ذهاب مال امرأته فإن مطرت السماء تراباً فهو صالح ما لم يكن غالباً.
ومن انهدمت داره وأصابه من ترابها وغبارها أصاب مالاً من ميراث فإن وضع تراباً
على رأسه أصاب مالاً من تشنيع ووهن.
ومن رأى كأنّ إنساناً يحثي التراب في عينه
فإنّ الحاثي ينفق مالاً على المحثي ليلبس عليه أمر أو ينال منه مقصوده.
فإن رأى
كأنّ السماء أمطرت تراباً كثيراً فهو عذاب ومن كنس دكانه وأخرج التراب ومعه قماش
فإنّه يتحول من مكان إلى مكان.
الرمل: أيضاً يجري مجرى التراب في دلالة الموت
والحياة والغنى والمسكنة لأنه من الأرض والعرب تقول: أدمل الرجل إذا افتقر.
ومنه أيضاً المرملات وهن اللواتي قد مات أزواجهن وربما دل السعي فيه على القيود
والعقلة والحصار والشغب والنصب وكل ما سعى فيه من الهم والحزن والخصومة والتظلم لأن
الماشي فيه يحصل ولا يركض راجلاً يمشي فيه أو راكباً على قدر كثرته وقلته ونزول
القدم فيه يكون دلالته في الشدة والخفة ومن رأى أن يده في الرمل فإنه يتلبس بأمرهن
أمور الدنيا.
فإن رأى أنه استف الرمل أو جمعه أو حمله فإنه يجمع مالاً ويصيب
خيراً.
ومن مشى في الرمل فإنه يعالج شغلاً شاغلاً على قدر كثرته وقلته.
التل والرابية: إذا كانت الأرض دالة على الناس إذ منها خلقوا.
فكل نشز منها
وتل ورابية وكدية وشرف يدل على كل من ارتفع ذكره على العامة بنسب أو علم أو مال أو
سلطان.
وقد تدل على الأماكن الشريفة والمراتب العالية والمراكب الحسنة فمن رأى
نفسه فوق شيء منها فإن كان مريضاً كان ذلك نعشه سيما إن رأى الناس تحته.
وإن لم
يكن مريضاً وكان طالباً للنكاح تزوج امرأة شريفة عالية الذكر لها من سعة الدنيا
بقدر ما حوت الرابية من سعة الأرضِ وكثرة التراب والرمل.
وإن رأى أنه يخطب
الناس فوق ذلك أو يؤذن فإن كان أهلاً للملك ناله أو القضاء أو الفتيا أو الآذان أو
الخطبة أو الشهرة والسمعة لأنها مقام أشراف العرب ومن رأى أرضاً مستوية فيها رابية
أو تل فإنه رجل له من سعة الدنيا بقدر ما حوله من الأرض المستوية.
فإن رأى حوله
خضرة فإنه دينه أو حسن معاملته فمن رأى أنه قعد على ذلك التل أو تعلق به أو استمكن
منه فإنه يتعلق برجل عظيم كما وصفت فإن رأى أنه جالس في ظل التل فإنه يعيش في كنف
الرجل.
فإن رأى أنه سائر على التلال فإنه ينجو ومن رأى كأنه ينزل من مكان مرتفع
فإنه يناله هم وغم.
والسير في الوهدة عسر يرجو صاحبه اليسر في عاقبته.
المدينة: تدل على أهلها وساكنيها وتدل على الاجتماع والسواد الأعظم والأمان
والتحصين لأن موسى حين دخل إلى مدين قال له شعيب: لا تخف نجوت وربما دلت القرية على
الدنيا والمدينة على الآخرة لأن نعيمها أجل وأهلها أنعم ومساكنها أكبر.
وربما
دلت المدينة على الدنيا والقرية على الجبالة وذلك إنها بارزة منعزلة عنها مع غفلة
أهلها.
ربما دلت المدينة المعروفة على دار الدنيا والمجهولة على الآخرة.
وربما دلت المدينة المجهولة الجميلة على الجنة والقرية السوداء المكروهة على
النار لنعيم أهل المدن وشقاء أهل المرى.
فمنِ انتقل في منامه من قرية مجهولة
إلى مدينة كذلك فانظر في حاله فإن كان كافراً أسلم وإن كان مذنباً تاب وإن كان
صالحاً فقيراً حقيراً فإنه يستغنى ويعز وإن كان مع صلاحه خائفاً أمن وإن كان صاحب
سرية تزوج وإن كان مع صلاحه عليلاً مات وإن كان ذلك لميت تنقلت حاله وابتدلت داره
فإنما هناك داران إحداهما أحسن من الأخرى فمن انتقل من الدار القبيحة إلى الحسنة
الجميلة نجا من النار ودخل الجنة إن شاء اللهّ.
وأما من خرج من مدينة إلى قرية
مجهولتين فعلى عكس الأول وإن كانتا معروفتين اعتبرت أسماؤهما وجواهرهما فتحكم
للمنتقل بمعاني ذلك كالخارج من باغاية إلى مدينة مصر فإنه يخلص من بغي ويبلغ سؤله
ويأمن خوفه لقوله تعالى: " ادْخُلوا مِصْرَ إنْ شاءَ الله آمِنين "
.
فإن كان خروجه من سر من رأى إلى خراسان انتقل في سرور إلى سوء قد آن
وقته.
وكذلك الخارج من المهدية والداخل إلى سوسة خارج عن هدى وحق إلى سوء وفساد
على نحو هذا ومأخذه في سائر القرى والمدن المعروفة.
وأما أبواب المدينة
المعروفة فولاتها أو حكامها ومن يحرسها ويحفظها.
وأما دورها فأهلها من الرؤساء
وكبراء محلتها وكل درب دال على من يجاوره ومن يحتاج إليه أهل تلك المحلة في مهماتهم
وأمورهم ويردّ عنهم حوادثهم بجاهه وسلطانه أو بعلمه وماله.
وقال بعضهم: المدينة
رجل عالم إذا رأيتها من بعيد وقيلِ: المدينة دين والخروج من المدينة خوف لقوله
تعالى: " فَخَرَجَ مِنْهَا خائِفاً يَتَرَقّب "
ودخول
المدينة صلح فيما بينه وبين الناس يدعونه إلى حق قال الله تعالى: "
ادخُلوا في السِّلم كافّةً "
وهو المدينة فإن رأى أن مدينة عتيقة قد
خربت قديماً فإنه يظهر أو يولد هناك عالم أو إمام يحدث هناك ورعاً ونسكاً.
ومن
رأى أنه دخل بلداً فرأى
مدينة خربة لا حيطان لها ولا بنيان ولا آثار فإنه إن
كان في ذلك اليوم علماء ماتوا وذهبوا ودرسوا ولم يبق منهم ولا من ذريتهم أحد فإن
رأى أنه يعمر فإنه يولد من نسل العلماء الباقين ولد يظهر فيه سيرة أولئك العلماء
ومن رأى مدينة أو بلداً خاليين من السلطان فإن سعر الطعام يغلو هناك فإن رأى مدينة
أو بلداً مخصبة حسنة الزرع فذلك خير حال أهلها وقال بعضهم: إذا كانت المدن هادئة
ساكنة فإنها في الخصب في ليل على الجدب وفي الجدب دليل الخصب.
والأفضل أن يرى
الإِنسان المدن العامرة الكثيرة الخصب فإنها تدل على رفعة وخصب وإن رأى الجدبة
القليلة الأهل دلت على قلة الخير وبلدة الإنسان تدل على الآباء مثال ذلك: أن رجلاً
رأى كأن مدينته وقعت من الزلازل فحكم على والده بالقتل.
وحكي أن وكيعاً كان مع
قتيبة لما سار من الري إلى خراسان فرأى وكيع في منامه كأنه هدم شريف مدينته ونسفها
فسأل المعبر فقال: أشراف يسقطون من جاههم على يدك ويوسمون فكان كذلك.
القرية:
المعروفة تدل على نفسها وعلى أهلها وعلى ما يجيء منها ويعرف بها لأن المكان يدل على
أهله كما قال تعالى: " واسْأل القَرْيةَ "
يعني أهلها.
وربما دلت القرية على دار الظلم والبدع والفساد والخروج عن الجماعة والشذوذ عن
جماعة رأي أهل المدينة ولذا وسم الله تعالى دور الظالمين في كتابه بالقرى.
وقد
تدل على بيت النمل ويدل بيت النمل على القرية لأن العرب تسميها قرية.
فمن هدم
قرية أو أفسدها أو رآها خربت وذهب من فيها أو ذهب سيل بها أو احترقت بالنار فإن
كانت معروفة جار عليها سلطان وقد يدل ذلك على الجراد والبرذ والجوانح والرباء.
وردم كوة النمل في سقف البيت وكذلك في المقلوب من صنع ذلك بكوة النمل أو الحيات
عدا أهل القرية بالظلم والعدوان وعلى كنيسة أو دار مشهورة بالفسوق ومن رأى أنه دخل
قرية حصينة فإنه يقتل أو يقاتل لقوله تعالى: " لا يُقاتِلوكُمْ
جميعاً إلا في قُرَىً مُحَصنة " .
وقيل من رأى أنه يجتاز من بلد إلى
قرية فإنه يختار أمراً وضيعاً على أمر رفيع أو قد عمل عملاً محموداً يظن أنه في
محمود أو قد عمل خيراً يظن أنه شر فيرجع عنه وليس بجازم فإن رأى أنه دخل قرية فإنه
يلي سلطاناً فإن خرج من قرية فإنه ينجو من شدة ويستريح لقوله تعالى: " أخْرِجْنا مِنْ هَذِهِ القَرْيةِ الظّالم أهْلُها " .
فإن
رأى كأن قرية عامرة خربت والمزارع تعطلت فإنه ضلالة أو مصيبة لأربابها.
وإن
رآها عامرة فهو صلاح دين أربابها.
الصخور الميتة: المقطوعة الملقاة على الأرض
ربما دلت على الموتى لانقطاعها من الجبال الحية المسبحة وتدل على أهل القساوة
والغفلة والجهالة وقد شبه الله تعالى بها قلوب الكفار والحكماء تشبه الجاهل بالحجر
وربما أخذت الشدة من طبعها والحجر والمنع من اسمها فمن رأى كأنه ملك حجراً أو اشترى
له أو قام عليه ظفر برجل على نعته أو تزوج امرأة على شبهه على قدر ما عنده من الحال
فيِ اليقظة.
ومن تحول فصار حجراً قسا قلبه وعصى ربه وفسد دينه وإن كان مريضاً
ذهبت حياته وتعجلت وفاته وإلا أصابه فالج تتعطل منه حركاته.
وأما سقوط الحجر من
السماء إلى الأرض على العالم أو في الجوامع فإنه رجل قاس والٍ أو عشار يرمي به
السلطان على أهل ذلك المكان إلا أن يكونوا يتوقعون قتالاً فإنها وقعة تكون الدائرة
فيها والشدة والمصيبة على أهل ذلْك المكان فكيف إن تكسر الحجر وطار فلق تكسيره إلى
الدور والبيوت فإنه دلالة على افتراق الأنصبة في تلك الوقعة وتلك البلية فكل من
دخلت داره منها فلقة نزل بها منها مصيبة وإن كان الناس في جدب يتقون دوامه ويخافون
عاقبته كان الحجر شدة تنزل بالمكان على قدر عظم الحجر وشدته وحاله فكيف إن كان
سقوطه في الإنادر أو في رحاب الطعام.
وإن كانت حجارة عظيمة قد يرمي بها الخلق
من السماء فعذاب ينزل من السماء بالمكان لأن الله سبحانه قتل أصحاب الفيل حين رمتهم
الطير بها فإما وباء أو جراد أو برد أو ريح أو مغرم أو غارة ونهبة وأمثال ذلك على
قدر زيادة الرؤيا وشواهد اليقظة.
الحصا: تدل على الرجال والنساء وعلى الصغار من
النساء وعلى الدراهم البيض المعدودة لأنها من الأرض وعلى الحفظ والإحصاء لما ألم به
طالبه من علم أو شعر وعلى الحج ورمي الجمار وعلى القساوة والشدة وعلى السباب
والقذف.
فمن رأى طائراً نزل من السماء إلى الأرض فالتقط حصاة وطار بها فإن كان
ذلك في مسجد هلك منه رجل صالح أو من صلحاء الناس فإن كان صاحب الرؤيا مريضاً وكان
منِ أهل الخير أو ممن يصلي أيضاً فيه ولم يشركه في المرض أحد ممن يصلي أيضاً فيه
فصاحب الرؤيا ميت وإن كان التقاطه للحصاة من كنيسة كان الاعتبار في فساد المريض
كالذي قدمناه وإن التقطها من دار أو من مكان مجهول فمريض صاحب الرؤيا من ولد أو
غيره هالك فأما من
التقط عدداً من الحصى وصيرها في ثوبه أو ابتلعها في جوفه فإن
كان التقاطه إياها من مسجد أو دار عالم أو حلقة ذكر أحصى من العلم والقرآن وانتفع
من الذكر والبيان بمقدار ما التقط من الحصار.
وإن كان التقاطه من الأسواق أو من
الفدادين وأصول الشجر فهي فوائد من الدنيا وفي دراهم تتألف له عن سبب الثمار أو
النبات أو من التجارة والسمسرة أو من السؤال والصدقة لكل إنسان على قدر همته وعادته
في يقظته.
وإن كان التقاطه من طف البحر فعطايا من السلطان إن كان يخدمه أو
فوائد من البحر إن كان يتجر فيه أو علم يكتسبه من عالم إن كان ذلك طلبه أو هبة وصلة
من زوجة غنية إن كانت له أو ولد أو نحوه.
وأما من رمى بها في بحر ذهب ماله فيه.
وإن رمى بها في بئر أخرج مالاً في نكاح أو شراء خادم.
وإن رمى بها في ممطر
أو ظرف من ظروف الطعام أو في مخزن من مخازن البحر اشترى بما معه أو بمقدار ما رمى
به تجارة يستدل عليها بالمكان الذي رمى ما كان معه فيه.
والعامة تقول: رمى فلان
ما كان معه من دراهم في حنطة أو زيت أو غيرهما.
وإن رمى بها حيواناً كالأسد
والقرد والجراد والغراب وأشباهها.
كان ذلك في أيام الحج بشرته بالحج ورمي
الجمار في مستقبل أمره لأن أصل رمي الجمار أن جبريل عليه السلام أمر آدم عليه
السلام أن يقذف الشيطان بها حين عرض له فصارت سنة لولده.
وإن لم يكن ذلك في
أيام الحج كانت الحصاة دعاءه على عدو أو فاسق أو سبه وشتمه أو شهادات يشهد بها
عليه.
وإن رمى بها خلاف هذه الأجناس كالحمام والمسلمين من الناس كان الرجل
سباباً مغتاباً متكلماً في الصلحاء والمحصنات من النساء.
الدور: وأما الدور فهي
دالة على أربابها فما نزل بها من هدم أو ضيق أو سعة أو خير أو شر عاد ذلك على أهلها
وأربابها وسكانها.
والحيطان رجال والسقوف نساء لأنّ الرجال قوامون على النساء
لكونها من فوقها ودفعها للاسواء عنها فهي كالقوام فما تأكدت دلالته رجع إليه وعمل
عليه.
وتدل دار الرجل على جسمه وتقسيمه وذاته لأنّه يعرف بها وتعرف به فهي مجده
وذكره واسمه وسترة أهله وربما دلت على ماله الذي به قوامه وربما دلت على ثوبه
لدخوله فيه فإذا كانت جسمه كان بابها وجهه وإذا كانت زوجته كان بابها فرجه وإذا
كانت دنياه وماله كان بابها الباب الذي يتسبب فيه ومعيشته وإذا كانت ثوبه كان بابها
طوقه.
وقد يدل الباب إذا انفرد على رب الدار وقد يدل عليه منه الفرد الذي يفتح
ويغلق والفرد الآخر على زوجته الذي يعانقها في الليل وينصرف عنها في الدخول والخروج
بالنهار ويستدل فيها على الذكر والأنثى بالشكل والغلق فالذي فيه الغلق هو الذكر
والذي فيه العروة هو الأنثى زوجته لأنّ القفل الداخل في العروة ذكر ومجموع الشكل
إذا انفلق كالزوجين وربما دلا على ولدي صاحب الدار ذكر وأنثى وعلى الأخوين
والشريكين في ملك الدار.
وأما اسكفة الباب ودوراته وكل ما يدخل فيه منه لسان
فذاك على الزوجة والخادم وأما قوائمه فربما دلت على الأولاد الذكران أو العبيد
والأخوة والأعوان.
وأما قوائمه وحلقة الباب فتدل على إذن صاحبه وعلى حاجبه
وخادمه فمن رأى شيئاً من ذلك نقصاً أو حدوثاً أو زيادة أو جدة عاد ذلك على المضاف
إليه بزيادة الأدلة وشواهد اليقظة.
وأما الدار المجهولة سوى المعروفة فهي دار
الآخرة لأنّ الله تعالى سماها داراً فقال: " وتلكَ الدّارُ الآخِرة
" .
وكذلك إن كانت معروفة لها اسم تدل على الآخرة كدار عقبة أو دار
السلام فمن رأى نفسه فيها وكان مريضاً أفضى إليها سالماً معافى من فتن الدنيا وشرها
وإن كان غير مريض فهي له بشارة على قدر عمله من حج أو جهاد أو زهد أو عبادة أو علم
أو صدقة أو صلة أو صبر على مصيبة يستدل على ما أوصله إليها وعلى الذي من أجله بشر
به زيادة الرؤيا وشواهد اليقظة فإن رأى معه في المنام كتباً يتعلمها فيها فعلمه
أداه إليها.
وإن كان فيها مصلياً فبصلاته نالها وإن كان معه فرسه وسيفه فبجهاده
بلغها ثم على المعنى وأما اليقظة فينظر إلى أشهر أعمالها عند نفسه وأقربها بمنامه
من سائر طاعاته إن كانت كثيرة ففيها كانت البشارة في المنام.
وأما من بنى داراً
غير داره في مكان معروف أو مجهول فانظر إلى حاله فإن كان مريضاً أو عنده مريض فذلك
قبره وإن لم يكن شيء من ذلك فهي دنيا يفيدها إن كانت في مكان معروف فإن بناها
باللبن والطين كان حلالاً وإن كانت بالآجر والجص والكلس كانت حراماً من أجلِ النار
التي توقد على عمله.
وإن كان بناؤه الدار في مكان مجهول ولم يكن مريضاً فإن
كانت باللبن فه وعمل صالح يعمله للآخرة أو قد عمله.
وإن كانت بالآجر فهي أعمال
مكروهة يندم في الآخرة عليها إلا أن يعود إلى هدمها في المنام فإنّه يتوب منها وأما
الدار المجهولة البناء والتربة والموضع والأهل المنفردة عن الدور ولا سيما إن رأى
فيها موتى يعرفهم فهي دار
الآخرة فمن رأى أنّه دخلها فإنّه يموت إن لم يخرج
منها فإن دخلها وخرج منها فإنّه يشرف على الموت ثم ينجو ومن رأى أنّه دخل داراً
جديدة كاملة المرافق وكانت بين الدور في موضع معروف فإن كان فقيراً استغنى وإن كان
غنياً ازداد غنى وإن كان مهموماً فرجِ عنه وإن كان عاصياً تاب وعلى قدر حسنها
وسعتها إن كان لا يعرف لها صاحباَ فإن كان لها صاحب فهي لصاحبها وإن كانت مطينة كان
ذلك حلالاً وإن كانت مجصصة كانت ذلك حراماً.
ولسعة الدار سعة دنياه وسخاؤه
وضيقها ضيق دنياه وبخله وجدتها تجديد عمله وتطيينها دينه وأما إحكامها فإحكام
تدبيره ومرمتها سروره والدار من حديد طول عمر صاحبها ودولته.
ومن خرج من داره
غضبان فإنّه يحبس لقوله تعالى: " وذا النوِن إذ ذهب مغاضبا "
.
فإن رأى أنّه دخل دار جاره فإنّه يدخل في سره.
وإن كان فاسقاً
فإنّه يخونه في امرأته ومعيشته.
وبناء الدار للعزب امرأة مرتفعة يتزوجها ومن
رأى داراً من بعيد نال دنيا بعيدة فإن دخلها وهي من بناء وطين ولم تكن منفردة عن
البيوت والدور فإنّه دنيا يصيبها حلالاً.
ومن رأى خروجه من الأبنية مقهوراً أو
متحولاً فهو خروجه من دنياه أو مما يملك على قدر ما يدل عليه وجه خروجه.
حكي أن
رجلاً من أهل اليمن أتى معبراً فقال: رأيت كأني في دار لي عتيقة فانهدمت علي.
فقال: تجد ميراثاً فلم يلبث أن مات ذو قرابة فورثه ستة آلاف درهم.
ورأى آخر
كأنه جالس على سطح دار من قوارير وقد سقط منه عريان فقص رؤياه على معبر فقال: تتزوج
امرأة من دار الملك جميلة ولكنها تموت عاجلاً فكان كذلك.
وبيوت الدار نساء
صاحبها والطرز والرقاق رجال والشرفات للدار شرف الدنيا ورياسة وخزانها أمناؤه على
ماله من أهل داره وصحتها وسط دولة دنياه وسطحها اسمه ورفعته والدار للإمام العدل
ثغر من ثغور المسلمين وهدم دار الملك المتعزز نقص في سلطانه.
وكون الرجل على
سطح مجهول نيل رفعة واستعانة برجل رفيع الذكر وطلب المعونة منه.
وقالت النصارى
من رأى كأنّه يكنس داره أصابه غم أو مات فجأة وقيل إنّ كنس الدار ذهاب الغم و الله
أعلم بالصواب وقيل إنّ هدم الدار موت صاحبها.
البيوت: بيت الرجل زوجته المستورة
في بيته التي يأوي إليها ومنه يقال دخل فلان بيته إذا
تزوج فيكنى عنها به
لكونها فيه ويكون بابه فرجها أو وجهها ويكون المخدع والخزانة بكراً كابنته أو
ربيبته لأنّها محجوبة والرجل لا يسكنها.
وربما دل بيته على جسمه أيضاَ وبيت
الخدمة خادمه ومخزن الحنطة والدته التي كانت سبب تعيشه باللبن للنمو والتربية
والكنيف يدل على الخادم المبذولة للكنس والغسل وربما دل على الزوجة التي يخلو معها
لقضاء حاجته خالياً من ولده وسائر أهله.
ونظر إنسان من كوة بيته يدل على مراقبة
فرج زوجته أو دبرها فما عاد على ذلك من نقص أو زراعة أو هدم أو إِصلاح عاد إلى
المنسوبة إليه مثل أن يقول: رأيت كأني بنيت في داري بيتاً جديداً فإن كان مريضاً
أفاق وصح جسمه وكذلك إن كان في داره مريض دل على صلاحه إلا إن كان يكون عادته دفن
من مات له في داره فإنّه يكون ذلك قبر المريض في الدار سميا إن كان بناؤه إياه في
مكان مستحيل أو كان مع ذلك طلاء بالبياض أو كان في الدار عند ذلك زهر أو رياحين أو
ما تدل عليه المصائب وإن لم يكن هناك مريض تزوج إن كان عزباً أو زوج ابنته وأدخلها
عنده إن كانت كبيرة أو اشترى سرية على قدر البيت وخطره.
ومنِ رأى أنّه يهدم
داراً جديدة أصابه هم وشر ومن بنى داراً أو ابتاعها أصاب خيراً كثيراً ومن رأى أنه
في بيت مجصص جديد مجهول مفرد عن البيوت وكان مع ذلك كلام يدل على الشر كان قبره.
ومن رأى أنّه حبس في بيت موثقاً مقفلاً عليه بابه والبيت وسط البيوت نال خيراً
وعافية.
ومن رأى أنّه احتمل بيتاً أو سارية احتمل مؤونة امرأة.
فإن احتمله
بيت أو سارية احتملت امرأة مؤونته.
وباب البيت امرأة وكذلك اسكفته ومن رأى أنّه
يغلق باباً تزوج امرأة.
والأبواب المفتحة أبواب الرزق.
وأما الدهليز فخادم
على يديه يجري الحل والعقد والأمر القوي.
ومن رأى أنّه دخل بيتاً وأغلق بابه
على نفسه فإنه يمتنع من معصية الله تعالى لقوله تعالى: " وَغَلّقَت
الأبْوَاب " .
فإن رأى أنّه موثق منه مغلق الأبواب والبيت مبسوط نال
خيراً وعافية.
فإن رأى أن بيته من ذهب أصابه حريق في بيته ومن رأى أنّه يخرج من
بيت ضيق خرج من هم.
والبيت بلا سقف وقد طلعت فيه الشمس أو القمر امرأة تتزوج
هناك.
ومن رأى في داره بيتاً وسعاً مطيناً لم يكن فيه فإنّها امرأة صالحة تزيد
في تلك الدار.
فإن كان مجصصاً أو مبنياً بآجر فإنّه امرأة سليطة منافقة.
فإن كانت تحت البيت سرب فهو رجل مكار.
فإن كان من طين فإنّه مكر في الدين.
والبيت المظلمِ امرأة سيئة الخلق رديئة وإن رأته المرأة فرجل كذلك.
فإن رأى
أنّه دخل بيتاً مرشوشاَ أصابه هم من امرأة بقدر البلل وقدر الوحل ثم يزول ويصلح.
فإن رأى أنّ بيته أوسع مما كان فإنّ الخير والخصب يتسعان عليه وينال خيراً من
قبل امرأة.
ومن رأى أنّه ينقش بيتاً أو يزوقه وقع في البيت خصومة وجلبة.
والبيت المضيء دليل خير وحسن أخلاق المرأة.
الحائط: رجل وربما كان حال
الرجل في دنياه إذا رأى أنّه قائمِ عليه وإن سقط عنه زال عن حاله.
وإن رأى أنّه
دفع حائطاً فطرحه أسقط رجلاً من مرتبته وأهلكه.
والحائط رجل ممتنع صاحب دين
ومال وقدر على قدر الحائط في عرضه وإحكامه ورفعته والعمارة حوله بسببه.
ومن رأى
حيطان بناء قائمة محتاجة إلى مرمة فإنه رجل عالم أو إمام قد ذهبت دولته.
فإن
رأى أنّ أقواماً يرمونها فإنّ له أصحاباً يرمون أموره.
ومن رأى أنّه سقط عليه
حائط أو غيره فقد أذنب ذنوباً كثيرة وتعجل عقوبته.
والشق في الحائط أو الشجرة
أو في الغصن مصير الواحد من أهل بيته واثنين بمنزلة القرطين والحلمتين.
ومن رأى
حيطاناً دارسة فهو رجل إمام عادل ذهبت أصحابه وعترته.
فإن جددها فإنهم يتجددون
وتعود حالتهم الأولى في الدولة.
فإن رأى أنه متعلق بحائط فإنّه يتعلق برجل رفيع
ويكون استمكانه منه بقدر استمكانه من الحائط.
ومن نظر في حائط فرأى مثاله فيه
فإنّه يموت ويكتب على قبره.
السقف: رجل رفيع فإن كان من خشب فإنّه رجل غرور.
فإن رأى سقفاً يكاد أن ينزل عليه ناله خوف من رجل رفيع.
فإن نزل عليه
التراب من السقف فأصاب ثيابه فإنّه ينال بعد الخوف مالاً.
فإن انكسر جذع فهو
موت صاحب الدار أو آفة تنزل به.
فإن رأى أنّ عارضته انشقت طولاً بنصفين فلم
يسقط فهو جمع ما ينسب إلى ذلك البيت والطرز وغيره مضاعف الواحد اثنان والخشب
والجذوع في البناء رجل منافق متحمل لأمور الناس.
وكسره موت رجل بهذه الصفة.
القصر: للفاسق سجن وضيق ونقص مال وللمستور جاه ورفعة أمر وقضاء دين.
وإذا
رآه من بعيد فهو ملك.
والقصر رجل صاحب ديانة وورع.
فمن رأى أنّه دخل قصراً
فإنّه يصير إلى سلطان كبير ويحسن دينه ويصير إلى خير كثير لقوله تعالى: " تَبَارَكَ الذيِ إنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ جَنّاتٍ
تَجّري منْ تحْتِهَا الأنْهَارُ ويَجْعَل لكَ قُصوراً " .
ومن رأى كأنّه
قائم على قصر وكان القصر له فإنّه يصيب رفعة عظيمة وجلالة وقدرة.
إن كان القصر
لغيره فإنّه يصيب من صاحبه منفعة وخيراً.
الإيوان الأزج: الأزج من اللبن: امرأة
قروية صاحبة دين وبالجص دنيا مجددة وبالآجر مال يصير إليه حرام وقيل هو امرأة
منافقة.
ومن رأى أنّه يعقد أزجاً بآجر صهريج فإنّه يؤدب ولده.
القبة: قوة
منِ رأى أنّه بنى قبة على السحاب فإنّه يصيب سلطاناً وقوة بحلمه.
ومن رأى أنّ
له بنياناً بين السماء والأرض من القباب الخضر فإنّ ذلك حسن حاله وموته على
الشهادة.
ويدل البناء على بناء الرجل بامرأته وقيل من رأى كأنّه يبني بناء
فإنّه يجمع أقرباءه وأصدقاءه على سرور.
ومن رأى أنّه طين قبر النبي صلى الله
عليه وسلم فإنه يحج بمال.
واللبن إذا كان مجموعاً ولا يستعمل في بناء فهو دراهم
ودنانير ومن رأى أنّه يجدد بنياناً عتيقاً لعالم فإنّ تجديد سيرة ذلك العالم.
إن كان البناء لفرعوِن أو ظالم فإنّه تجدد سيرته.
وقال النبي صلى الله عليه
وسلم: من رأى كأنّه يبني بنياناً فإنّه يعمل عملاً.
ومن رأى أنّه ابتدأ في بناء
فحفره من أساسه وبناه من قراره حتى شيده فإنّه طلب علم أو ولاية أو حرفة وسينال
حاجته فيما يروم.
وقيل من رأى أنّه يبني بنياناً في بلدة أو قرية فإنّه يتزوج
هناك امرأة.
فإن بناه من خزف فتزيين ورياء وإن بناه من طين فإنّه حلال وكسب.
وإن كان منقوشاً فهو ولاية أو علم مع لهو وطرب.
وإن بناه من جص وآجر عليه
صورة فإنّه يخوض في الأباطيل.
الغرفة: تدل على الرفعة وعلى استبدال السرية
بالحرة لعلو الغرفة على البيت.
وتدل على أمن الخائف لقوله تعالى: " وَهُم في الغُرُفَاتِ آمِنُون " .
وتدل على الجنة لقوله
تعالى: " أولئكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفةَ بمَا صَبَروا " .
وتدل أيضاً على المحراب لأنّ العرب تسميها بذلك.
فمن بنى غرفة فوق بيته
ورأى زوجته تنهاه عن ذلك وتسخط فعله أو تبكي بالعويل أو كأنّها ملتحفة في كساء
فإنّه يتزوج على امرأته أُخرى أو يتسرى وإن كانت زوجته عطرة جميلة متبسمة كانت
الغرفة زيادة في دنياه ورفعة.
وإن صعد إلى غرفة مجهولة فإن كان خائفاً أمن وإن
كان مريضاً صار إلى الجنة وإلا نال رفعة وسروراً وعلواً.
وإن كان معه جمع يتبعه
في صعوده يرأس عليهم بسلطان أو علم أو إمامة في محراب.
وإن رأى عزباً أنّه في
غرفة تزوج امرأة حسنة رئيسة دينة.
وإن رأى له غرفتين أو ثلاثة أو أكثر فإنّه
يأمن مما يخاف.
وإن رأى أن البيت الأعلى سقط على
البيت الأسفل ولم يضره
فإنّه يقدم له غائب.
فإن كان معه غبار كان معه مال.
المنظرة: رجل منظور
إليه فمن رآها من بعيد فإنّه يظفر بأعدائه وينال ما يتمنى ويعلو أمره في سرور.
فإن رآها تاجر فإنه يصيب ربحاً ودولة ويعلو نضاره حيث كان ويكون.
وبناء
المنظرة يجري مجرى بناء الدور.
وأما الأسطوانة: من خشب أو من طين أو من جص أو
آجر فهي قيم دار أو خادم أهل الدار وحامل ثقلهم وبيوتهم ويقوى على ما كلفوه فما
يحدث فيها ففي ذلك الذي ينسب إليه.
والكوة في البيت أو الطرز والغرفة ملك يصيبه
صاحبها وعز وغنى يناله.
وللمكروب فرج وللمريض شفاء وللعزب امرأة وللمرأة زوج.
وإذا رأيت الكوة في البيت الذي ليس فيه كوة فإنّها لأجل الدرج: تدل على أسباب
العلو والرفعة والإقبال في الدنيا والآخرة لقول معرب: ارتفعت درجة فلان وفلان رفيع
الدرجة.
وتدل على الإملاء والاستدراج لقوله تعالى: "
سَنَسْتَدْرِجُهمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُون " .
وربما دلت على مراحل
السفر ومنازل المسافرين التي ينزلونها منزلة منزلة ومرحلة مرحلة.
وربما دلت على
أيام العمر المؤدية إلى غايته.
ويدل المعروف منها على خادم الدار وعلى عبد
صاحبها ودابته فمن صعد درجاً مجهولاً نظرت في أمره فإن وصل إلى آخره وكان مريضاً
مات فإن في دخل في أعلاه غرفة وصلت روحه إلى الجنة وإن حبس دونها حجب عنها بعد
الموت وإن كان سليماً ورام سفراً خرج لوجهه ووصل على الرزق إن كان سفره في المال
وإن كان لغير ذلك استدلت بما أفضى إليه أو لقيه في حين صعوده مما يدل على الخير
والشر وتمام الحوائج ونقصها مثل أن يلقاه أربعون رجلاً أو يجد دنانير على هذا العدد
فإنَّ ذلك بشارة بتمام ما خرج إليه وإن كان العدد ثلاثين لم يتم له ذلك لأنّ
الثلاثين نقص والأربعون تمام أتمها الله عزّ وجلّ لموسى بعسر ولو وجد ثلاثة وكان
خروجه في وعدٍ تم له لقوله تعالى في الثلاثة: " ذَلِكَ وَعْدٌ
غَيْرُ مَكْذُوب " .
وكذلك إن أذن في طلوعه وكان خروجه إلى الحج تم له
حجه وإن لم يؤمل شيئاً من ذلك ولا رأى ذلك في أشهر الحج نال سلطاناً ورفعة إما
بولاية أو بفتوى أو بخطابة أو بأذان على المنار أو ينجو ذلك من الأمور الرفيعة
المشهورة.
وأما نزول الدرج فإن كان مسافراً قدم من سفر وإن كان مذكوراً رئيساً
نزل عن رياسته.
وعزل عن عمله وإن كان راكباً مشى راجلاً وإن كانت له امرأة
عليلة هلكت وإن كان هو المريض نظرت فإن كان نزوله إلى مكان معروف أو إلى أهله وبيته
أو إلى تبن كثير أو شعير أو
إلى ما يدل على أموال الدنيا وعروضها أفاق من
علتها.
وإن كان نزوله من مكان مجهول لا يدريه أو برية أو إلى قوم موتى قد عرفهم
ممن تقدمه أو كان سقوطه تكويراً أو سقط منها في حفرة أو بئر أو مطمورة أو إلى أسد
افترسه أو إلى طائر اختطفه أو إلى سفينة مرسية أقلعت به أو إلى راحلة فوقها هودج
فسارت به فإنّ الدرج أيام عمره وجميع ما أنزل إليه منها موته حين تمّ أجله وانقضت
أيامه.
وإن كان سليماً في اليقظة من السقم وكان طاغياً أو كافراً نظرت فيما نزل
إليه فإن دلّ على الصلاح كالمسجد والخصب والرياض والاغتسال ونحو ذلك فإنّه يسلم
ويتوب وينزل عما هو عليه ويتركه ويقطع عنه وإن كان نزوله إلى ضد ذلك مما يدل على
العظائم والكبائر والكفر كالجدب والنار العظيمة المخيفة والأسد والحيات والمهاوي
العظام فإنه يستدرج له ولا يؤخذ بغتة حتى يرد عليه ما يهلك فيه ويعطب عنده ولا يقدر
على الفرار منه.
وتجدد بناء الدرج يستدل به على صلاح ما يدل عليه من فساده فإن
كان من لبن كان صالحاً وإن كان من آجر كان مكروها.
وقال بعضهم: الدرجة أعمال
الخير أولها الصلاة والثانية الصوم والثالثة الزكاة والرابعة الصدقة والخامسة الحج
والسادسة الجهاد والسابعة القرآن.
وكل المراقي أعمال الخير لقوله صلى الله عليه
وسلم: اقرأ وارق: فالصعود منها إذا كان من طين أو لبن حسن الدين والإسلام ولا خير
فيها إذا كانت من آجر وإن رأى أنّه على غرفة بلا مرقاة ولا سلم صعد فيه فإنه كمال
دينه وارتفاع درجته عند الله لقوله تعالى: " نرفع درجات من نشاء "
.
والمراقي من طين.
للوالي رفعة وعز مع دين وللتجار تجارة مع دين
وإن كانت من حجارة فإنه رفعة قساوة قلب.
وإن كانت من خشب فإنّها مع نفاق ورياء.
وإن كانت من ذهب فإنّه ينال دولة وخصباً وخيراً.
وإن كانت من فضة فإنه ينال
جواري بعدد كل مرقاة وإن كانت من صفر فإنّه ينال متاع الدنيا.
ومن صعد مرقاة
استفاد فهماً وفطنة يرتفع به.
وقيل الدرجة رجل زاهد عابد ومن قرب منه نال رفعة
ونسكاً لقوله تعالى: " يَرْفعُ الله الّذِينَ آمنوا مِنْكُمْ
والّذِينَ أوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ " .
وكل درجة للوالي ولاية سنة.
والسلم الخشب: رجل رفيع منافق والصعود فيه إقامة بنية لقوله تعالى: " أوّ سلُماً في السّماءِ فَتَاتِيهُمْ بآية " .
وقيل انّ
الصعود فيه استعانة بقوم فيهمِ نفاق وقيل هو دليل سفرِ.
فإن صعد
فيه
ليستمِع كلاماً من إنسان فإنّه يصيب سلطاناً لقوله: " أمْ لَهُمْ
سُلّم يَسْتمِعونَ فيهِ فَلْيَأتِ مُسْتمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مبِينِ " .
وقال رجل لابن سيرين: رأيت كأنّي فوق سلم فقال: أنت رجل تستمع علىَ الناس.
والسلم الموضوع على الأرض مرض وانتصابه صحة.
الطاق: الواسعة دليل على حسن
خلق المرأة والضيقة دليلِ على سوء خلقها.
والرجل إذا رأى أنّه جالس في طاق ضيق
فإنّه يطلق امرأته جهاراً وإن كان موضعه من الطاق واسعاً فإنّ المرأة تطلق من زوجها
سراً.
والصفة رئيس يعتمده أهل البيت.
الأبواب: الأبواب المفتحة أبواب الرزق
وباب الدار قيمها فما حدث فيه فهو في قيم الدار.
فإن رأى في وسط داره باباً
صغيراً فهو مكروه لأنّه يدخل على أهل العورات وسيدخل تلك الدار خيانة في امرأته.
وأبواب البيوت معناه يقع على النساء فإن كانت جدداً فهن أبكار وإن كانت خالية
من الأغلاق فهن ثيبات.
وإن رأى باب دار قد سقط أو قلع إلى خارج أو محترقاً أو
مكسوراً فذلك مصيبة في قيم الدار.
فإن عظم باب داره أو اتسع وقوي فهو حسن حال
القيم فإن رأى أنّه يطلب باب داره فلا يجده فهو حائر في أمر دنياه.
ومن رأى
أنّه دخل من باب فإن كان في خصومة فهو غالب لقوله تعالى: "
ادْخُلُوا عَلَيْهم البَابَ فَإذَا دَخَلتموهُ فَإنّكُم غَالبُون " .
فإذا رأى أبواباً فتحت من مواضع معروفة أو مجهولة فإنَّ أبواب الدنيا تفتح له
ما لم يجاوز قدرها فإن جاوز فهو تعطيل تلك الدار وخرابها.
فإن كانت الأبواب إلى
الطريق فإنّ ما ينال من دنياه تلك يخرج إلى الغرباء والعامة.
فإن كانت مفتحة
إلى بيت في الدار كان يناله لأهل بيته.
فإن رأى أنّ باب داره اتسع فوق قدر
الأبواب فهو دخول قوم عليه بغير إذن في مصيبة وربما كان زوال باب الدار عن موضعه
زوال صاحب الدار على خلقه وتغيره لأهل داره.
فإن رأى أنّه خرج من باب ضيق إلى
سعة فهو خروجه من ضيق إلى سعة ومن هم إلى فرِج.
وإن رأى أنّ لداره بابين فإنَّ
امرأته فاسدة فمن رأى لبابه حلقتين فإنّ عليه ديناً لنفسه فإن رأى أنّه قلع حلقة
بابه فإنّه يدخل في بدعة.
وانسداد باب الدار مصيبة عظيمة لأهل الدار.
العتبة: امرأة: روي أن إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم قال لامرأة ابنه
إسماعيل: قولي له غير عتبة بابك فقالت له ذلك فطلقها وقيل أنّ العتبة الدولة
والأسكفة هي المرأة والعضادة رئيس الدار وقيمها فقلعها ذلك لقيم الدار بعد العز
وتغيبها عن البصر موت القيم كما أن قلع أسكفته تطليق المرأة.
وحكي أنّ امرأة
أتت ابن سيرين فقالت: رأيت في المنام أسكفة بابي العليا وقعت على السفلى ورأيت
المصراعين قد سقطا فوقع أحدهما خارج البيت والآخر داخل البيت.
فقال لها: ألك
زوج وولد غائبان قالت نعم.
فقال أما سقوط الأسكفة العليا فقدوم زوجك سريعاً
وأما وقوع المصراع خارجاً فإنّ ابنك يتزوج امرأة غريبة.
فلم تلبث إلا قليلاً
حتى قدم زوجها وابنها جمع غريبة.
الغلق: من خشب هو البلط إذا فتح يكون فيه مكر.
ومن رأى أنّه يغلق باب داره بالبلط فإنّه محكم في حفظ دنياه.
فإن لم يكن له
بلط فليس له ضبط في أمر دنياه.
فإن رأى أنّه يزيد إغلاق باب داره ولا ينغلق
فإنّه يمتنع من أمر يعجز عنه.
وإن رأى غاز أنّه يفتح باباً يغلق فإنّه ينقب
حصناً أو يفتحه.
فإن فتحه رجل فإنّه يمكر بالمنسوب إلى ذلك النقب ويفتح عليه
خير من قبل ذلك الرجل.
ودخول الدرب دخول في سوم تاجر أو ولاية وال أو صناعة ذي
حرفة.
فمن رأى درباً مفتوحاً فإنّه يدخل في عمل كما ذكرت.
مرافق الدار:
المطبخ: طباخة.
والمبرز: امرأة فإن كان واسعاً نظيفاً غير ظاهر الرائحة فإنّ
امرأته حسنة المعاشرة ونظافته صلاحها وسعته طاعتها وقلة نتنه حسن بنائها.
وإن
كان ضيقاً مملوءاً عذرة لا يجد صاحبه منه مكاناً يقعد فيه فإنّها تكون ناشزة.
وإن كانت رائحته منتنة فإنّه
وقراها ودورها وأبنيتها وقصورها وحصونها ومرافقها ومفاوزها وسرابها ورمالها وتلالها
وحماماتها وأرحيتها وأسواقها وحوانيتها وسقوفها وأبوابها وطرقها وسجونها وبيعها
وكنائسها وبيوت نيرانها ونواويسها وما أشبه ذلك أما الأرض فتدل على الدنيا لمن
ملكها على قدر اتساعها وكبرها وضيقها وصغرها وربما دلت الأرض على الدنيا والسماء
على الآخرة لأنّ الدنيا أدنيت والآخرة أخرت سيما أنّ الجنة في السماء وتدل الأرض
المعروفة على المدينة التي هو فيها وعلى أهلها وساكنها.
وتدل على السفر إذا
كانت طريقاً مسلوكاً كالصحارى والبراري وتدل على المرأة إذا كانت مما يدرك حدودها
ويرى أولها وآخرها.
وتدل على الأمة والزوجة لأنّها توطأ وتحرث وتبذر وتسقى
فتحمل وتلد وتضع نباتها إلى حين تمامها.
وربما كانت الأرض أماً لأن خلقنا منها.
فمن ملك أرضاً مجهولة استغنى إن كان فقيراً وتزوج إن كان عزباً وولي إن كان
عاملاً.
وإن باع أرضاً أو خرج منها إلى غيرها مات إن كان مريضاً سيما إن كانت
الأرض التي انتقل إليها مجهولة وافتقر إن كان موسراً سيما إن كانت الأرض التي
فارقها ذات عشب وكلأ أو خرج من مذهب إلى مذهب إن كان نظاراً.
فإن خرج من أرض
جدبة إلى أرض خصبة انتقل من بدعة إلى سنة وإن كان على خلاف ذلك فالأمر على ضده وإن
رأى ذلك مؤمل السفر فهو ما يلقاه في سفره فإن رأى كأنّ الأرض انشقت فخرجٍ منها شاب
ظهرت بين أهلها عداوة فإن خرج منها شيخ سعد جدهم ونالوا خصباً وإن رآها انشقت فلم
يخرج منها شيء ولم يدخل فيها شيء حدث في الأرض حادثة شر فإن خرج منها سبع دل على
ظهور سلطان ظالم فإن خرج حية فهي عذاب باق في تلك الناحية.
وإن انشقت الأرض
بالنبات نال أهلها خصباً فإن رأى أنّه يحفر الأرض ويأكل منها نال مالاً بمكر لأنّ
الحفر مكر فإن رأى أرضاً تفطرت بالنبات وفي ظنه أنّه ملكه وفرح بذلك دل على أنّه
ينال ما يشتهي ويموت سريعاً لقوله تعالى: " حتّى إذا فَرِحوا بما
أوتوا أخَذْناهُم بَغْتَةً " .
ومن تولى طي الأرض بيده نال ملكاً وقيل
إن طيء الأرض أصاب ميراثاً.
وضيق الأرض ضيق المعيشة.
ومن كلمته الأرض
بالخير نال خيراً في الدين والدنيا وكلامها المشتبه المجهول المعنى مال من شبهة.
والخسف بالأرض: زوال النعم وانقلاب الأحوال والغيبة في الأرض من غير حفر طول
غربة في
طلب الدنيا أو موت في طلب الدنيا.
فإن غاب في حفيرة ليس فيها منفذ
فإنّه يمكر به في أمر بقدر ذلك.
ومن كلمته الأرض بكلام توبيخ فليتق الله فإنّه
مال حرام.
ومن رأى أنّه قائم في مكان فخسف به فإن كان والياً فإنه تنقلب عليه
الدنيا ويصير الصديق عدوه وسروره غماً لقوله تعالى: " فَخَسَفنْا
بهِ وبدارِهِ الأرْض " فإن رأى محلة أو أرضاً طويت على الناس فإنّه يقع هناك
موت أو قال وقيل يهلك فيه أقوام بقدر الذي طويت عليهم أو ينالهم ضيق وقحط أو شدة.
فإن كان ما طوي له وحده فهو ضيق معيشته وأموره.
فإن رأى أنّها بسطت له أو
نشرت له فهو طول حياته وخير يصيبه.
المفازة: اسمها مستحب وهي فوز من شدة إلى
رخاء ومن ضيق إلى سعة ومن ذنب إلى توبة ومن خسران إلى ربح وٍ من مرض إلى صحة.
ومن رأى أنّه في بر فإنّه يناله فسحة وكرامة وفرحاً وسروراً بقدر سعة البر
والصحراء وخضرتها و زرعها.
والأرض القفر: فقر والوادي بلا زرع حج لقوله تعالى:
" رَبّنا إنّي أسْكَنْتُ مِنْ ذرّيتي بوادٍ غيرِ ذي زرع "
ومن رأى أنّه يهيم في واد فإنّه يقول ما لا يفعل لقوله تعالى عن
الشعراء: " أَلَمْ تَرَ أَنّهُمْ في كُلِّ وادٍ يَهيمونَ وأنّهُمْ
يقولونَ ما لا يَفْعَلون " .
الجبل: ملك أو سلطان قاسي القلب قاهر أو
رجل ضخم على قدر الجبل وعظمه وطوله وقصره وعلوه.
ويدلك على العالم والناسك ويدل
على المراتب العالية والاماكن الشريفة والمراكب الحسنة و الله تعالى خلق الجبال
أوتاداً للأرض حين اضطربت فهي كالعلماء والملوك لأنّهم يمسكون ما لا تمسكه الجبال
الراسية وربما دل على الغايات والمطالب لأن الطالع إليه لا يصعد إلا بجاهه فمن رأى
نفسه فوق جبل أو مسنداً إليه أو جالساً في ظله تقرب من رجل رئيس واشتهر به واحتمى
به إما سلطان أو فقيه عالم عابد ناسك فكيف به إن كان فوقه يؤذن أذان السنة مستقبل
القبلة أو كان يرمى عن قوس بيده فإنّه يمتد صيته في الناس على قدر امتداد صوته
وتنفذ كتبه وأوامره إلى المكان الذي وصلت إليه سهامه.
وإن كان من رأى نفسه عليه
خائفاً في اليقظة أمن وإن كان في سفينة نالته في بحره شدة وعقبة يرشى من أجلها قال
ابن سيرين: الجبل حينئذٍ عصمة إلا أن يرى في المنام كأنّه فر من سفينة إلى جبل
فإنّه يعطب ويهلك لقصة ابن نوح.
وقد يدل ذلك على من لم يكن في يقظته في سفينة
ولا بحر على مفارقة رأي الجماعة والانفراد
بالهوى والبدعة فكيف إذا كان معه وحش
الجبال وسباعها أو كانت السفينة التي فر منها إلى الجبل فيها قاض أو رئيس في العلم
أو إمام عادل.
وأما صعود الجبال فإنّه مطلب يطلبه وأمر يرومه فيسأل عما قد هم
به في اليقظة أو أمله فيها من صحبة السلطان أو عالم أو الوقوف إليهما في حاجة أو في
سفر في البر وأمثال ذلك.
فإن كان صعوده إياه كما يصعد الجبال أو بدرج أو طريق
آمن سهل عليه كل ما أهله وخف عليه كل ما حوله.
وإن نالته فيه شدة أو صعد إليه
بلا درج ولا سلم ولا سبب ناله خوف وكان أمره غرراً كله.
فإن خلص إلى أعلاه نجا
من بعد ذلك.
وإن وهب من نومه دون الوصول أو سقط في المنام هلك في مطلوبه وحيل
بينه وبين مراده أو فسد دينه في عمله وعندها ينزل به من التلاف والإصابة من الضرر
والمصيبة والحزن على قدر ما انكسر من أعضائه.
وأما السقوط من فوق الجبل
والكوادي والروابي والسقوف 0 وأعالي الحيطان والنخل والشجر فإنّه يدل على مفارقة من
يدل ذلك الشيء الذي سقط عنه في التأويل عليه من سلطان أو عالم أو زوج أو زوجة أو
عبد أو ملك أو عمل أو حال من الأحوال يسأل الرائي عن أهم ما هو عليه في يقظته مما
يرجوه ويخافه ويقدمه ويؤخره في فراقه له ومداومته إياه فإن شكلت اليقظة لكثرة ما
فيها من المطالب والأحوال أو لتغيرها من الآمال حكم له بمفارقة من سقط عنه في
المنام على قدر دليله في التأويل.
ويستدل على التفرقة بين أمريه على قدر دليله
وأنّ علمه باستكماله من الشيء الذي كان عليه وقوته وضعفه واضطرابه ربما أفضى إليه
من سقوطه من جدب أو خصب أو وعر أو سهل أو حجر أو رمل أو أرض أو بحر ربما عاد عليه
في جسمه في حين سقوطه ويدل على السقوط في المعاصي والفتن والردى إذا كان سقوطه فيما
يدل على ذلك مثل أن يسقط إلى الوحش والغربان والحيات وأجناس الفأر أو إلى القاذورات
والحمأة وقد يدل ذلك على ترك الذنوب والإقلاع عن البدع إذا كان فراره من مثل ذلك أو
كان سقوطه في مسجد أو روضة أو إلى نبي أو روضة أو إلى نبي أو أخذ مصحف أو إلى صلاة
في جماعة.
وأما ما عاد إلى الجبل من سقوط أو هدم أو احتراف فإنّه دال على هلاك
من دل الجبل عليه أو دماره أو قتله إلا أن يرتفع في الهواء على رؤوس الخلق فإنه خوف
شديد يظل على الناس من ناحيه الملك لأن بني إسرائيل رفع الجبل فوقهم كالظلة تخويفاً
من الله لهم وتهديداً على أما تسيير الجبال فدليل على قيامة قائمة إما حرب تتحرك
ففيه الملوك بعضها على بعض أو اختلاف واضطراب يجري بين علماء الأرض في فتنة وشدة
يهلك فيها العامة وقد يدل ذلك على موت وطاعون لأنّها من علامات القيامة وأما رجوع
الجبل زبداً أو رماداً أو تراباً فلا خير فيه لمن دل الجبل عليه لا في حياته ولا في
دينه فإن كان المضاف إليه ممن عز بعد ذلته وآمن بعد كفره واتقى الله من بعد طغيانه
عاد إلى ما كان عليه ورجع إلى أولى حالتيه لأن الله تعالى خلق الجباك فيما زعموا من
زبد الماء والزبد باطل كما عبر به تعالى في كتابه.
والجبل الذي فيه الماء
والنبات والخضرة فإنّه ملك صاحب دين.
وإذا لم يكن فيه نبات ولا ماء فإنّه ملك
كافر طاغ لأنِّه كالميت لا يسبح الله تعالى ولا يقدسه.
والجبل القائم غير
الساقط فهو حي وهو خير من الساقط والساقط الذي صار صخوراً فهو ميت لأنّه لا يذكر
الله ولا يسبحه.
ومن ارتقى على جبل وشرب من مائه وكان أهلاً للولاية نالها من
رجل ملك قاسي القلب نفاع وما لا يقدر ما شرب وإن كان تاجراً ارتفع أمره وربح وسهولة
صعوده فيه سهولة الإفادة للولاية من غير تعب.
والعقبة عقوبة وشدة فإنّ هبط منه
نجا وإن صعد ارتفاع وسلطنة مع تعب.
والصخور التي حول الجبل والأشجار قواد ذلك
المكان.
وكل صعود رفعة وكل هبوط ضعة وكل طلوع يدل على هم فنزوله فرج وكل صعود
يدل على ولاية فنزوله عزل.
وإن رأى أنّه حمل جبلاً فثقل عليه فإنّه يحمل مؤونة
رجل ضخم أو تاجر يثقل عليه فإن خف خف عليه.
فإن رأى أنّه دخل في كهف جبل فإنّه
ينال رشداً في دينه وأموره ويتولى أمور السلطان ويتمكن.
فإن دخل كهف جبل في غار
فإنّه يمكر بملك أو رجل منيع فإن استقبله جبل استقبله هم أو سفر أو رجل منيع أو أمر
صعب أو امرأة صعبة قاسية فإن رأى أنّه صعد الجبل فإن الجبل غاية مطلبه يبلغها بقدر
ما أنّه صعد حتى يستوي فوقه.
وكل صعود يراه الإنسان أو عقبة أو تل أو سطِح أو
غير ذلك فإنّه نيل ما هو طالب من قضاء الحاجة التي يريدها والصعود مستوياً مشقة ولا
خير فيه.
فإن رأى أنّه هبط من تل أو قصر أو جبل فإنّ الأمر الذي يطلبه ينتقص
ولا يتم ومن رأى أنّه يهدم جبلاً فإنّه يهلك رجلاً ومن رأى أنّه يهتم بصعود جبل أو
يزاوله كان ذلك الجبل حينئذٍ غاية يسمو إليها فإن هو علاه نال أمله فإن سقط عنه
يغترب حاله.
والصعود المحمود على الجبل أن يعرج في ذلك كما يفعل صاعد الجبل.
وكل الإرتفاع محمود إلا أن يكون مستوياً لقوله تعالى: "
سأرْهِقُهُ صَعُوداً " .
فإن رأى أنّه يأكل الحجر: فإنّه ييئس من رجاء
يرجوه.
فإن أكله مع الخبز فإنّه يداري ويحتمل بسبب معيشته صعوبة.
فإن رأى
أنّه يحذف الناس بالحجر فإنّه يلوط لأنّ الحذف من أفعال قوم لوط.
التراب: يدل
على الناس الأرض وبه قوام معاش الخلق والعرب تقول: أترب الرجل إذا استغنى.
وربما دل على الفقر والميتة والقبر لأنّه فراش الموتى.
والعرب تقول: ترب
الرجل إذا افتقر.
وقال تعالى: " أوْ مِسْكيناً ذا مَتْرَبة "
فمن حفر أرضاً واستخرج ترابها فإن كان مريضاً أو عنده مريض فإن ذلك قبره
وإن كان مسافراً كان حفره سفرهِ وترابه كسبه وماله وفائدته لأنّ الضرب في الأرض سفر
لقولْه تعالى: " وآخرون يَضْرِبونَ في الأرض " .
وإن
كان طالباً للنكاح كانت الأرض زوجة والحفر افتضاضاً والمعول الذكر والتراب مال
المرأة أو دم عذرتها.
وإن كان صياداً فحفره ختله للصيد وترابه كسبه وما يستفيده
وإلا كان حفره مطلوباً يطلبه في سعيه ومكسبه مكراً أو حيلة.
وأصل الحفر ما يحفر
للسباع من الزبى لتسقط فيها فلزم الحفر المكر من أجل ذلك.
وأما من عفر يديه من
التراب أو ثوبه من الغبار أو به تمعك في الأرض فإن كان غنياً ذهب ماله ونالته ذلة
وحاجة وإن كان عليه دين أو عنده وديعة رد ذلك إلى أهله وزال جميعه من يده واحتاج من
بعده وإن كان مريضاً نقصت يده من مكاسب الدنيا وتعرى من ماله ولحق بالتراب.
وضرب الأرض بالتراب دال على المضاربة بالمكاسبة وضربها بسيرِ أو عصا يدل على
سفر بخير وقال بعضهم: المشي في التراب التماس مال فإن جمعه أو أكله فإنه يجمِع
مالاً ويجري على يديه مال وإن كانت الأرض لغيره فالمال لغيره فإن حمل شيئاً من
التراب أصاب منفعة بقدر ما حمل فإن كنس بيته وجمع منه تراباً فإنّه يحتال حتى يأخذ
من امرأته مالاً فإن جمعه من حانوته جمع مالاً من معيشته.
ومن رأى أنّه يستف
التراب فهو مال يصيبه لأنّ التراب مالك ودراهم فإن رأى
أنّه كنس تراب سقف بيته
وأخرجه فهو ذهاب مال امرأته فإن مطرت السماء تراباً فهو صالح ما لم يكن غالباً.
ومن انهدمت داره وأصابه من ترابها وغبارها أصاب مالاً من ميراث فإن وضع تراباً
على رأسه أصاب مالاً من تشنيع ووهن.
ومن رأى كأنّ إنساناً يحثي التراب في عينه
فإنّ الحاثي ينفق مالاً على المحثي ليلبس عليه أمر أو ينال منه مقصوده.
فإن رأى
كأنّ السماء أمطرت تراباً كثيراً فهو عذاب ومن كنس دكانه وأخرج التراب ومعه قماش
فإنّه يتحول من مكان إلى مكان.
الرمل: أيضاً يجري مجرى التراب في دلالة الموت
والحياة والغنى والمسكنة لأنه من الأرض والعرب تقول: أدمل الرجل إذا افتقر.
ومنه أيضاً المرملات وهن اللواتي قد مات أزواجهن وربما دل السعي فيه على القيود
والعقلة والحصار والشغب والنصب وكل ما سعى فيه من الهم والحزن والخصومة والتظلم لأن
الماشي فيه يحصل ولا يركض راجلاً يمشي فيه أو راكباً على قدر كثرته وقلته ونزول
القدم فيه يكون دلالته في الشدة والخفة ومن رأى أن يده في الرمل فإنه يتلبس بأمرهن
أمور الدنيا.
فإن رأى أنه استف الرمل أو جمعه أو حمله فإنه يجمع مالاً ويصيب
خيراً.
ومن مشى في الرمل فإنه يعالج شغلاً شاغلاً على قدر كثرته وقلته.
التل والرابية: إذا كانت الأرض دالة على الناس إذ منها خلقوا.
فكل نشز منها
وتل ورابية وكدية وشرف يدل على كل من ارتفع ذكره على العامة بنسب أو علم أو مال أو
سلطان.
وقد تدل على الأماكن الشريفة والمراتب العالية والمراكب الحسنة فمن رأى
نفسه فوق شيء منها فإن كان مريضاً كان ذلك نعشه سيما إن رأى الناس تحته.
وإن لم
يكن مريضاً وكان طالباً للنكاح تزوج امرأة شريفة عالية الذكر لها من سعة الدنيا
بقدر ما حوت الرابية من سعة الأرضِ وكثرة التراب والرمل.
وإن رأى أنه يخطب
الناس فوق ذلك أو يؤذن فإن كان أهلاً للملك ناله أو القضاء أو الفتيا أو الآذان أو
الخطبة أو الشهرة والسمعة لأنها مقام أشراف العرب ومن رأى أرضاً مستوية فيها رابية
أو تل فإنه رجل له من سعة الدنيا بقدر ما حوله من الأرض المستوية.
فإن رأى حوله
خضرة فإنه دينه أو حسن معاملته فمن رأى أنه قعد على ذلك التل أو تعلق به أو استمكن
منه فإنه يتعلق برجل عظيم كما وصفت فإن رأى أنه جالس في ظل التل فإنه يعيش في كنف
الرجل.
فإن رأى أنه سائر على التلال فإنه ينجو ومن رأى كأنه ينزل من مكان مرتفع
فإنه يناله هم وغم.
والسير في الوهدة عسر يرجو صاحبه اليسر في عاقبته.
المدينة: تدل على أهلها وساكنيها وتدل على الاجتماع والسواد الأعظم والأمان
والتحصين لأن موسى حين دخل إلى مدين قال له شعيب: لا تخف نجوت وربما دلت القرية على
الدنيا والمدينة على الآخرة لأن نعيمها أجل وأهلها أنعم ومساكنها أكبر.
وربما
دلت المدينة على الدنيا والقرية على الجبالة وذلك إنها بارزة منعزلة عنها مع غفلة
أهلها.
ربما دلت المدينة المعروفة على دار الدنيا والمجهولة على الآخرة.
وربما دلت المدينة المجهولة الجميلة على الجنة والقرية السوداء المكروهة على
النار لنعيم أهل المدن وشقاء أهل المرى.
فمنِ انتقل في منامه من قرية مجهولة
إلى مدينة كذلك فانظر في حاله فإن كان كافراً أسلم وإن كان مذنباً تاب وإن كان
صالحاً فقيراً حقيراً فإنه يستغنى ويعز وإن كان مع صلاحه خائفاً أمن وإن كان صاحب
سرية تزوج وإن كان مع صلاحه عليلاً مات وإن كان ذلك لميت تنقلت حاله وابتدلت داره
فإنما هناك داران إحداهما أحسن من الأخرى فمن انتقل من الدار القبيحة إلى الحسنة
الجميلة نجا من النار ودخل الجنة إن شاء اللهّ.
وأما من خرج من مدينة إلى قرية
مجهولتين فعلى عكس الأول وإن كانتا معروفتين اعتبرت أسماؤهما وجواهرهما فتحكم
للمنتقل بمعاني ذلك كالخارج من باغاية إلى مدينة مصر فإنه يخلص من بغي ويبلغ سؤله
ويأمن خوفه لقوله تعالى: " ادْخُلوا مِصْرَ إنْ شاءَ الله آمِنين "
.
فإن كان خروجه من سر من رأى إلى خراسان انتقل في سرور إلى سوء قد آن
وقته.
وكذلك الخارج من المهدية والداخل إلى سوسة خارج عن هدى وحق إلى سوء وفساد
على نحو هذا ومأخذه في سائر القرى والمدن المعروفة.
وأما أبواب المدينة
المعروفة فولاتها أو حكامها ومن يحرسها ويحفظها.
وأما دورها فأهلها من الرؤساء
وكبراء محلتها وكل درب دال على من يجاوره ومن يحتاج إليه أهل تلك المحلة في مهماتهم
وأمورهم ويردّ عنهم حوادثهم بجاهه وسلطانه أو بعلمه وماله.
وقال بعضهم: المدينة
رجل عالم إذا رأيتها من بعيد وقيلِ: المدينة دين والخروج من المدينة خوف لقوله
تعالى: " فَخَرَجَ مِنْهَا خائِفاً يَتَرَقّب "
ودخول
المدينة صلح فيما بينه وبين الناس يدعونه إلى حق قال الله تعالى: "
ادخُلوا في السِّلم كافّةً "
وهو المدينة فإن رأى أن مدينة عتيقة قد
خربت قديماً فإنه يظهر أو يولد هناك عالم أو إمام يحدث هناك ورعاً ونسكاً.
ومن
رأى أنه دخل بلداً فرأى
مدينة خربة لا حيطان لها ولا بنيان ولا آثار فإنه إن
كان في ذلك اليوم علماء ماتوا وذهبوا ودرسوا ولم يبق منهم ولا من ذريتهم أحد فإن
رأى أنه يعمر فإنه يولد من نسل العلماء الباقين ولد يظهر فيه سيرة أولئك العلماء
ومن رأى مدينة أو بلداً خاليين من السلطان فإن سعر الطعام يغلو هناك فإن رأى مدينة
أو بلداً مخصبة حسنة الزرع فذلك خير حال أهلها وقال بعضهم: إذا كانت المدن هادئة
ساكنة فإنها في الخصب في ليل على الجدب وفي الجدب دليل الخصب.
والأفضل أن يرى
الإِنسان المدن العامرة الكثيرة الخصب فإنها تدل على رفعة وخصب وإن رأى الجدبة
القليلة الأهل دلت على قلة الخير وبلدة الإنسان تدل على الآباء مثال ذلك: أن رجلاً
رأى كأن مدينته وقعت من الزلازل فحكم على والده بالقتل.
وحكي أن وكيعاً كان مع
قتيبة لما سار من الري إلى خراسان فرأى وكيع في منامه كأنه هدم شريف مدينته ونسفها
فسأل المعبر فقال: أشراف يسقطون من جاههم على يدك ويوسمون فكان كذلك.
القرية:
المعروفة تدل على نفسها وعلى أهلها وعلى ما يجيء منها ويعرف بها لأن المكان يدل على
أهله كما قال تعالى: " واسْأل القَرْيةَ "
يعني أهلها.
وربما دلت القرية على دار الظلم والبدع والفساد والخروج عن الجماعة والشذوذ عن
جماعة رأي أهل المدينة ولذا وسم الله تعالى دور الظالمين في كتابه بالقرى.
وقد
تدل على بيت النمل ويدل بيت النمل على القرية لأن العرب تسميها قرية.
فمن هدم
قرية أو أفسدها أو رآها خربت وذهب من فيها أو ذهب سيل بها أو احترقت بالنار فإن
كانت معروفة جار عليها سلطان وقد يدل ذلك على الجراد والبرذ والجوانح والرباء.
وردم كوة النمل في سقف البيت وكذلك في المقلوب من صنع ذلك بكوة النمل أو الحيات
عدا أهل القرية بالظلم والعدوان وعلى كنيسة أو دار مشهورة بالفسوق ومن رأى أنه دخل
قرية حصينة فإنه يقتل أو يقاتل لقوله تعالى: " لا يُقاتِلوكُمْ
جميعاً إلا في قُرَىً مُحَصنة " .
وقيل من رأى أنه يجتاز من بلد إلى
قرية فإنه يختار أمراً وضيعاً على أمر رفيع أو قد عمل عملاً محموداً يظن أنه في
محمود أو قد عمل خيراً يظن أنه شر فيرجع عنه وليس بجازم فإن رأى أنه دخل قرية فإنه
يلي سلطاناً فإن خرج من قرية فإنه ينجو من شدة ويستريح لقوله تعالى: " أخْرِجْنا مِنْ هَذِهِ القَرْيةِ الظّالم أهْلُها " .
فإن
رأى كأن قرية عامرة خربت والمزارع تعطلت فإنه ضلالة أو مصيبة لأربابها.
وإن
رآها عامرة فهو صلاح دين أربابها.
الصخور الميتة: المقطوعة الملقاة على الأرض
ربما دلت على الموتى لانقطاعها من الجبال الحية المسبحة وتدل على أهل القساوة
والغفلة والجهالة وقد شبه الله تعالى بها قلوب الكفار والحكماء تشبه الجاهل بالحجر
وربما أخذت الشدة من طبعها والحجر والمنع من اسمها فمن رأى كأنه ملك حجراً أو اشترى
له أو قام عليه ظفر برجل على نعته أو تزوج امرأة على شبهه على قدر ما عنده من الحال
فيِ اليقظة.
ومن تحول فصار حجراً قسا قلبه وعصى ربه وفسد دينه وإن كان مريضاً
ذهبت حياته وتعجلت وفاته وإلا أصابه فالج تتعطل منه حركاته.
وأما سقوط الحجر من
السماء إلى الأرض على العالم أو في الجوامع فإنه رجل قاس والٍ أو عشار يرمي به
السلطان على أهل ذلك المكان إلا أن يكونوا يتوقعون قتالاً فإنها وقعة تكون الدائرة
فيها والشدة والمصيبة على أهل ذلْك المكان فكيف إن تكسر الحجر وطار فلق تكسيره إلى
الدور والبيوت فإنه دلالة على افتراق الأنصبة في تلك الوقعة وتلك البلية فكل من
دخلت داره منها فلقة نزل بها منها مصيبة وإن كان الناس في جدب يتقون دوامه ويخافون
عاقبته كان الحجر شدة تنزل بالمكان على قدر عظم الحجر وشدته وحاله فكيف إن كان
سقوطه في الإنادر أو في رحاب الطعام.
وإن كانت حجارة عظيمة قد يرمي بها الخلق
من السماء فعذاب ينزل من السماء بالمكان لأن الله سبحانه قتل أصحاب الفيل حين رمتهم
الطير بها فإما وباء أو جراد أو برد أو ريح أو مغرم أو غارة ونهبة وأمثال ذلك على
قدر زيادة الرؤيا وشواهد اليقظة.
الحصا: تدل على الرجال والنساء وعلى الصغار من
النساء وعلى الدراهم البيض المعدودة لأنها من الأرض وعلى الحفظ والإحصاء لما ألم به
طالبه من علم أو شعر وعلى الحج ورمي الجمار وعلى القساوة والشدة وعلى السباب
والقذف.
فمن رأى طائراً نزل من السماء إلى الأرض فالتقط حصاة وطار بها فإن كان
ذلك في مسجد هلك منه رجل صالح أو من صلحاء الناس فإن كان صاحب الرؤيا مريضاً وكان
منِ أهل الخير أو ممن يصلي أيضاً فيه ولم يشركه في المرض أحد ممن يصلي أيضاً فيه
فصاحب الرؤيا ميت وإن كان التقاطه للحصاة من كنيسة كان الاعتبار في فساد المريض
كالذي قدمناه وإن التقطها من دار أو من مكان مجهول فمريض صاحب الرؤيا من ولد أو
غيره هالك فأما من
التقط عدداً من الحصى وصيرها في ثوبه أو ابتلعها في جوفه فإن
كان التقاطه إياها من مسجد أو دار عالم أو حلقة ذكر أحصى من العلم والقرآن وانتفع
من الذكر والبيان بمقدار ما التقط من الحصار.
وإن كان التقاطه من الأسواق أو من
الفدادين وأصول الشجر فهي فوائد من الدنيا وفي دراهم تتألف له عن سبب الثمار أو
النبات أو من التجارة والسمسرة أو من السؤال والصدقة لكل إنسان على قدر همته وعادته
في يقظته.
وإن كان التقاطه من طف البحر فعطايا من السلطان إن كان يخدمه أو
فوائد من البحر إن كان يتجر فيه أو علم يكتسبه من عالم إن كان ذلك طلبه أو هبة وصلة
من زوجة غنية إن كانت له أو ولد أو نحوه.
وأما من رمى بها في بحر ذهب ماله فيه.
وإن رمى بها في بئر أخرج مالاً في نكاح أو شراء خادم.
وإن رمى بها في ممطر
أو ظرف من ظروف الطعام أو في مخزن من مخازن البحر اشترى بما معه أو بمقدار ما رمى
به تجارة يستدل عليها بالمكان الذي رمى ما كان معه فيه.
والعامة تقول: رمى فلان
ما كان معه من دراهم في حنطة أو زيت أو غيرهما.
وإن رمى بها حيواناً كالأسد
والقرد والجراد والغراب وأشباهها.
كان ذلك في أيام الحج بشرته بالحج ورمي
الجمار في مستقبل أمره لأن أصل رمي الجمار أن جبريل عليه السلام أمر آدم عليه
السلام أن يقذف الشيطان بها حين عرض له فصارت سنة لولده.
وإن لم يكن ذلك في
أيام الحج كانت الحصاة دعاءه على عدو أو فاسق أو سبه وشتمه أو شهادات يشهد بها
عليه.
وإن رمى بها خلاف هذه الأجناس كالحمام والمسلمين من الناس كان الرجل
سباباً مغتاباً متكلماً في الصلحاء والمحصنات من النساء.
الدور: وأما الدور فهي
دالة على أربابها فما نزل بها من هدم أو ضيق أو سعة أو خير أو شر عاد ذلك على أهلها
وأربابها وسكانها.
والحيطان رجال والسقوف نساء لأنّ الرجال قوامون على النساء
لكونها من فوقها ودفعها للاسواء عنها فهي كالقوام فما تأكدت دلالته رجع إليه وعمل
عليه.
وتدل دار الرجل على جسمه وتقسيمه وذاته لأنّه يعرف بها وتعرف به فهي مجده
وذكره واسمه وسترة أهله وربما دلت على ماله الذي به قوامه وربما دلت على ثوبه
لدخوله فيه فإذا كانت جسمه كان بابها وجهه وإذا كانت زوجته كان بابها فرجه وإذا
كانت دنياه وماله كان بابها الباب الذي يتسبب فيه ومعيشته وإذا كانت ثوبه كان بابها
طوقه.
وقد يدل الباب إذا انفرد على رب الدار وقد يدل عليه منه الفرد الذي يفتح
ويغلق والفرد الآخر على زوجته الذي يعانقها في الليل وينصرف عنها في الدخول والخروج
بالنهار ويستدل فيها على الذكر والأنثى بالشكل والغلق فالذي فيه الغلق هو الذكر
والذي فيه العروة هو الأنثى زوجته لأنّ القفل الداخل في العروة ذكر ومجموع الشكل
إذا انفلق كالزوجين وربما دلا على ولدي صاحب الدار ذكر وأنثى وعلى الأخوين
والشريكين في ملك الدار.
وأما اسكفة الباب ودوراته وكل ما يدخل فيه منه لسان
فذاك على الزوجة والخادم وأما قوائمه فربما دلت على الأولاد الذكران أو العبيد
والأخوة والأعوان.
وأما قوائمه وحلقة الباب فتدل على إذن صاحبه وعلى حاجبه
وخادمه فمن رأى شيئاً من ذلك نقصاً أو حدوثاً أو زيادة أو جدة عاد ذلك على المضاف
إليه بزيادة الأدلة وشواهد اليقظة.
وأما الدار المجهولة سوى المعروفة فهي دار
الآخرة لأنّ الله تعالى سماها داراً فقال: " وتلكَ الدّارُ الآخِرة
" .
وكذلك إن كانت معروفة لها اسم تدل على الآخرة كدار عقبة أو دار
السلام فمن رأى نفسه فيها وكان مريضاً أفضى إليها سالماً معافى من فتن الدنيا وشرها
وإن كان غير مريض فهي له بشارة على قدر عمله من حج أو جهاد أو زهد أو عبادة أو علم
أو صدقة أو صلة أو صبر على مصيبة يستدل على ما أوصله إليها وعلى الذي من أجله بشر
به زيادة الرؤيا وشواهد اليقظة فإن رأى معه في المنام كتباً يتعلمها فيها فعلمه
أداه إليها.
وإن كان فيها مصلياً فبصلاته نالها وإن كان معه فرسه وسيفه فبجهاده
بلغها ثم على المعنى وأما اليقظة فينظر إلى أشهر أعمالها عند نفسه وأقربها بمنامه
من سائر طاعاته إن كانت كثيرة ففيها كانت البشارة في المنام.
وأما من بنى داراً
غير داره في مكان معروف أو مجهول فانظر إلى حاله فإن كان مريضاً أو عنده مريض فذلك
قبره وإن لم يكن شيء من ذلك فهي دنيا يفيدها إن كانت في مكان معروف فإن بناها
باللبن والطين كان حلالاً وإن كانت بالآجر والجص والكلس كانت حراماً من أجلِ النار
التي توقد على عمله.
وإن كان بناؤه الدار في مكان مجهول ولم يكن مريضاً فإن
كانت باللبن فه وعمل صالح يعمله للآخرة أو قد عمله.
وإن كانت بالآجر فهي أعمال
مكروهة يندم في الآخرة عليها إلا أن يعود إلى هدمها في المنام فإنّه يتوب منها وأما
الدار المجهولة البناء والتربة والموضع والأهل المنفردة عن الدور ولا سيما إن رأى
فيها موتى يعرفهم فهي دار
الآخرة فمن رأى أنّه دخلها فإنّه يموت إن لم يخرج
منها فإن دخلها وخرج منها فإنّه يشرف على الموت ثم ينجو ومن رأى أنّه دخل داراً
جديدة كاملة المرافق وكانت بين الدور في موضع معروف فإن كان فقيراً استغنى وإن كان
غنياً ازداد غنى وإن كان مهموماً فرجِ عنه وإن كان عاصياً تاب وعلى قدر حسنها
وسعتها إن كان لا يعرف لها صاحباَ فإن كان لها صاحب فهي لصاحبها وإن كانت مطينة كان
ذلك حلالاً وإن كانت مجصصة كانت ذلك حراماً.
ولسعة الدار سعة دنياه وسخاؤه
وضيقها ضيق دنياه وبخله وجدتها تجديد عمله وتطيينها دينه وأما إحكامها فإحكام
تدبيره ومرمتها سروره والدار من حديد طول عمر صاحبها ودولته.
ومن خرج من داره
غضبان فإنّه يحبس لقوله تعالى: " وذا النوِن إذ ذهب مغاضبا "
.
فإن رأى أنّه دخل دار جاره فإنّه يدخل في سره.
وإن كان فاسقاً
فإنّه يخونه في امرأته ومعيشته.
وبناء الدار للعزب امرأة مرتفعة يتزوجها ومن
رأى داراً من بعيد نال دنيا بعيدة فإن دخلها وهي من بناء وطين ولم تكن منفردة عن
البيوت والدور فإنّه دنيا يصيبها حلالاً.
ومن رأى خروجه من الأبنية مقهوراً أو
متحولاً فهو خروجه من دنياه أو مما يملك على قدر ما يدل عليه وجه خروجه.
حكي أن
رجلاً من أهل اليمن أتى معبراً فقال: رأيت كأني في دار لي عتيقة فانهدمت علي.
فقال: تجد ميراثاً فلم يلبث أن مات ذو قرابة فورثه ستة آلاف درهم.
ورأى آخر
كأنه جالس على سطح دار من قوارير وقد سقط منه عريان فقص رؤياه على معبر فقال: تتزوج
امرأة من دار الملك جميلة ولكنها تموت عاجلاً فكان كذلك.
وبيوت الدار نساء
صاحبها والطرز والرقاق رجال والشرفات للدار شرف الدنيا ورياسة وخزانها أمناؤه على
ماله من أهل داره وصحتها وسط دولة دنياه وسطحها اسمه ورفعته والدار للإمام العدل
ثغر من ثغور المسلمين وهدم دار الملك المتعزز نقص في سلطانه.
وكون الرجل على
سطح مجهول نيل رفعة واستعانة برجل رفيع الذكر وطلب المعونة منه.
وقالت النصارى
من رأى كأنّه يكنس داره أصابه غم أو مات فجأة وقيل إنّ كنس الدار ذهاب الغم و الله
أعلم بالصواب وقيل إنّ هدم الدار موت صاحبها.
البيوت: بيت الرجل زوجته المستورة
في بيته التي يأوي إليها ومنه يقال دخل فلان بيته إذا
تزوج فيكنى عنها به
لكونها فيه ويكون بابه فرجها أو وجهها ويكون المخدع والخزانة بكراً كابنته أو
ربيبته لأنّها محجوبة والرجل لا يسكنها.
وربما دل بيته على جسمه أيضاَ وبيت
الخدمة خادمه ومخزن الحنطة والدته التي كانت سبب تعيشه باللبن للنمو والتربية
والكنيف يدل على الخادم المبذولة للكنس والغسل وربما دل على الزوجة التي يخلو معها
لقضاء حاجته خالياً من ولده وسائر أهله.
ونظر إنسان من كوة بيته يدل على مراقبة
فرج زوجته أو دبرها فما عاد على ذلك من نقص أو زراعة أو هدم أو إِصلاح عاد إلى
المنسوبة إليه مثل أن يقول: رأيت كأني بنيت في داري بيتاً جديداً فإن كان مريضاً
أفاق وصح جسمه وكذلك إن كان في داره مريض دل على صلاحه إلا إن كان يكون عادته دفن
من مات له في داره فإنّه يكون ذلك قبر المريض في الدار سميا إن كان بناؤه إياه في
مكان مستحيل أو كان مع ذلك طلاء بالبياض أو كان في الدار عند ذلك زهر أو رياحين أو
ما تدل عليه المصائب وإن لم يكن هناك مريض تزوج إن كان عزباً أو زوج ابنته وأدخلها
عنده إن كانت كبيرة أو اشترى سرية على قدر البيت وخطره.
ومنِ رأى أنّه يهدم
داراً جديدة أصابه هم وشر ومن بنى داراً أو ابتاعها أصاب خيراً كثيراً ومن رأى أنه
في بيت مجصص جديد مجهول مفرد عن البيوت وكان مع ذلك كلام يدل على الشر كان قبره.
ومن رأى أنّه حبس في بيت موثقاً مقفلاً عليه بابه والبيت وسط البيوت نال خيراً
وعافية.
ومن رأى أنّه احتمل بيتاً أو سارية احتمل مؤونة امرأة.
فإن احتمله
بيت أو سارية احتملت امرأة مؤونته.
وباب البيت امرأة وكذلك اسكفته ومن رأى أنّه
يغلق باباً تزوج امرأة.
والأبواب المفتحة أبواب الرزق.
وأما الدهليز فخادم
على يديه يجري الحل والعقد والأمر القوي.
ومن رأى أنّه دخل بيتاً وأغلق بابه
على نفسه فإنه يمتنع من معصية الله تعالى لقوله تعالى: " وَغَلّقَت
الأبْوَاب " .
فإن رأى أنّه موثق منه مغلق الأبواب والبيت مبسوط نال
خيراً وعافية.
فإن رأى أن بيته من ذهب أصابه حريق في بيته ومن رأى أنّه يخرج من
بيت ضيق خرج من هم.
والبيت بلا سقف وقد طلعت فيه الشمس أو القمر امرأة تتزوج
هناك.
ومن رأى في داره بيتاً وسعاً مطيناً لم يكن فيه فإنّها امرأة صالحة تزيد
في تلك الدار.
فإن كان مجصصاً أو مبنياً بآجر فإنّه امرأة سليطة منافقة.
فإن كانت تحت البيت سرب فهو رجل مكار.
فإن كان من طين فإنّه مكر في الدين.
والبيت المظلمِ امرأة سيئة الخلق رديئة وإن رأته المرأة فرجل كذلك.
فإن رأى
أنّه دخل بيتاً مرشوشاَ أصابه هم من امرأة بقدر البلل وقدر الوحل ثم يزول ويصلح.
فإن رأى أنّ بيته أوسع مما كان فإنّ الخير والخصب يتسعان عليه وينال خيراً من
قبل امرأة.
ومن رأى أنّه ينقش بيتاً أو يزوقه وقع في البيت خصومة وجلبة.
والبيت المضيء دليل خير وحسن أخلاق المرأة.
الحائط: رجل وربما كان حال
الرجل في دنياه إذا رأى أنّه قائمِ عليه وإن سقط عنه زال عن حاله.
وإن رأى أنّه
دفع حائطاً فطرحه أسقط رجلاً من مرتبته وأهلكه.
والحائط رجل ممتنع صاحب دين
ومال وقدر على قدر الحائط في عرضه وإحكامه ورفعته والعمارة حوله بسببه.
ومن رأى
حيطان بناء قائمة محتاجة إلى مرمة فإنه رجل عالم أو إمام قد ذهبت دولته.
فإن
رأى أنّ أقواماً يرمونها فإنّ له أصحاباً يرمون أموره.
ومن رأى أنّه سقط عليه
حائط أو غيره فقد أذنب ذنوباً كثيرة وتعجل عقوبته.
والشق في الحائط أو الشجرة
أو في الغصن مصير الواحد من أهل بيته واثنين بمنزلة القرطين والحلمتين.
ومن رأى
حيطاناً دارسة فهو رجل إمام عادل ذهبت أصحابه وعترته.
فإن جددها فإنهم يتجددون
وتعود حالتهم الأولى في الدولة.
فإن رأى أنه متعلق بحائط فإنّه يتعلق برجل رفيع
ويكون استمكانه منه بقدر استمكانه من الحائط.
ومن نظر في حائط فرأى مثاله فيه
فإنّه يموت ويكتب على قبره.
السقف: رجل رفيع فإن كان من خشب فإنّه رجل غرور.
فإن رأى سقفاً يكاد أن ينزل عليه ناله خوف من رجل رفيع.
فإن نزل عليه
التراب من السقف فأصاب ثيابه فإنّه ينال بعد الخوف مالاً.
فإن انكسر جذع فهو
موت صاحب الدار أو آفة تنزل به.
فإن رأى أنّ عارضته انشقت طولاً بنصفين فلم
يسقط فهو جمع ما ينسب إلى ذلك البيت والطرز وغيره مضاعف الواحد اثنان والخشب
والجذوع في البناء رجل منافق متحمل لأمور الناس.
وكسره موت رجل بهذه الصفة.
القصر: للفاسق سجن وضيق ونقص مال وللمستور جاه ورفعة أمر وقضاء دين.
وإذا
رآه من بعيد فهو ملك.
والقصر رجل صاحب ديانة وورع.
فمن رأى أنّه دخل قصراً
فإنّه يصير إلى سلطان كبير ويحسن دينه ويصير إلى خير كثير لقوله تعالى: " تَبَارَكَ الذيِ إنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ جَنّاتٍ
تَجّري منْ تحْتِهَا الأنْهَارُ ويَجْعَل لكَ قُصوراً " .
ومن رأى كأنّه
قائم على قصر وكان القصر له فإنّه يصيب رفعة عظيمة وجلالة وقدرة.
إن كان القصر
لغيره فإنّه يصيب من صاحبه منفعة وخيراً.
الإيوان الأزج: الأزج من اللبن: امرأة
قروية صاحبة دين وبالجص دنيا مجددة وبالآجر مال يصير إليه حرام وقيل هو امرأة
منافقة.
ومن رأى أنّه يعقد أزجاً بآجر صهريج فإنّه يؤدب ولده.
القبة: قوة
منِ رأى أنّه بنى قبة على السحاب فإنّه يصيب سلطاناً وقوة بحلمه.
ومن رأى أنّ
له بنياناً بين السماء والأرض من القباب الخضر فإنّ ذلك حسن حاله وموته على
الشهادة.
ويدل البناء على بناء الرجل بامرأته وقيل من رأى كأنّه يبني بناء
فإنّه يجمع أقرباءه وأصدقاءه على سرور.
ومن رأى أنّه طين قبر النبي صلى الله
عليه وسلم فإنه يحج بمال.
واللبن إذا كان مجموعاً ولا يستعمل في بناء فهو دراهم
ودنانير ومن رأى أنّه يجدد بنياناً عتيقاً لعالم فإنّ تجديد سيرة ذلك العالم.
إن كان البناء لفرعوِن أو ظالم فإنّه تجدد سيرته.
وقال النبي صلى الله عليه
وسلم: من رأى كأنّه يبني بنياناً فإنّه يعمل عملاً.
ومن رأى أنّه ابتدأ في بناء
فحفره من أساسه وبناه من قراره حتى شيده فإنّه طلب علم أو ولاية أو حرفة وسينال
حاجته فيما يروم.
وقيل من رأى أنّه يبني بنياناً في بلدة أو قرية فإنّه يتزوج
هناك امرأة.
فإن بناه من خزف فتزيين ورياء وإن بناه من طين فإنّه حلال وكسب.
وإن كان منقوشاً فهو ولاية أو علم مع لهو وطرب.
وإن بناه من جص وآجر عليه
صورة فإنّه يخوض في الأباطيل.
الغرفة: تدل على الرفعة وعلى استبدال السرية
بالحرة لعلو الغرفة على البيت.
وتدل على أمن الخائف لقوله تعالى: " وَهُم في الغُرُفَاتِ آمِنُون " .
وتدل على الجنة لقوله
تعالى: " أولئكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفةَ بمَا صَبَروا " .
وتدل أيضاً على المحراب لأنّ العرب تسميها بذلك.
فمن بنى غرفة فوق بيته
ورأى زوجته تنهاه عن ذلك وتسخط فعله أو تبكي بالعويل أو كأنّها ملتحفة في كساء
فإنّه يتزوج على امرأته أُخرى أو يتسرى وإن كانت زوجته عطرة جميلة متبسمة كانت
الغرفة زيادة في دنياه ورفعة.
وإن صعد إلى غرفة مجهولة فإن كان خائفاً أمن وإن
كان مريضاً صار إلى الجنة وإلا نال رفعة وسروراً وعلواً.
وإن كان معه جمع يتبعه
في صعوده يرأس عليهم بسلطان أو علم أو إمامة في محراب.
وإن رأى عزباً أنّه في
غرفة تزوج امرأة حسنة رئيسة دينة.
وإن رأى له غرفتين أو ثلاثة أو أكثر فإنّه
يأمن مما يخاف.
وإن رأى أن البيت الأعلى سقط على
البيت الأسفل ولم يضره
فإنّه يقدم له غائب.
فإن كان معه غبار كان معه مال.
المنظرة: رجل منظور
إليه فمن رآها من بعيد فإنّه يظفر بأعدائه وينال ما يتمنى ويعلو أمره في سرور.
فإن رآها تاجر فإنه يصيب ربحاً ودولة ويعلو نضاره حيث كان ويكون.
وبناء
المنظرة يجري مجرى بناء الدور.
وأما الأسطوانة: من خشب أو من طين أو من جص أو
آجر فهي قيم دار أو خادم أهل الدار وحامل ثقلهم وبيوتهم ويقوى على ما كلفوه فما
يحدث فيها ففي ذلك الذي ينسب إليه.
والكوة في البيت أو الطرز والغرفة ملك يصيبه
صاحبها وعز وغنى يناله.
وللمكروب فرج وللمريض شفاء وللعزب امرأة وللمرأة زوج.
وإذا رأيت الكوة في البيت الذي ليس فيه كوة فإنّها لأجل الدرج: تدل على أسباب
العلو والرفعة والإقبال في الدنيا والآخرة لقول معرب: ارتفعت درجة فلان وفلان رفيع
الدرجة.
وتدل على الإملاء والاستدراج لقوله تعالى: "
سَنَسْتَدْرِجُهمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُون " .
وربما دلت على مراحل
السفر ومنازل المسافرين التي ينزلونها منزلة منزلة ومرحلة مرحلة.
وربما دلت على
أيام العمر المؤدية إلى غايته.
ويدل المعروف منها على خادم الدار وعلى عبد
صاحبها ودابته فمن صعد درجاً مجهولاً نظرت في أمره فإن وصل إلى آخره وكان مريضاً
مات فإن في دخل في أعلاه غرفة وصلت روحه إلى الجنة وإن حبس دونها حجب عنها بعد
الموت وإن كان سليماً ورام سفراً خرج لوجهه ووصل على الرزق إن كان سفره في المال
وإن كان لغير ذلك استدلت بما أفضى إليه أو لقيه في حين صعوده مما يدل على الخير
والشر وتمام الحوائج ونقصها مثل أن يلقاه أربعون رجلاً أو يجد دنانير على هذا العدد
فإنَّ ذلك بشارة بتمام ما خرج إليه وإن كان العدد ثلاثين لم يتم له ذلك لأنّ
الثلاثين نقص والأربعون تمام أتمها الله عزّ وجلّ لموسى بعسر ولو وجد ثلاثة وكان
خروجه في وعدٍ تم له لقوله تعالى في الثلاثة: " ذَلِكَ وَعْدٌ
غَيْرُ مَكْذُوب " .
وكذلك إن أذن في طلوعه وكان خروجه إلى الحج تم له
حجه وإن لم يؤمل شيئاً من ذلك ولا رأى ذلك في أشهر الحج نال سلطاناً ورفعة إما
بولاية أو بفتوى أو بخطابة أو بأذان على المنار أو ينجو ذلك من الأمور الرفيعة
المشهورة.
وأما نزول الدرج فإن كان مسافراً قدم من سفر وإن كان مذكوراً رئيساً
نزل عن رياسته.
وعزل عن عمله وإن كان راكباً مشى راجلاً وإن كانت له امرأة
عليلة هلكت وإن كان هو المريض نظرت فإن كان نزوله إلى مكان معروف أو إلى أهله وبيته
أو إلى تبن كثير أو شعير أو
إلى ما يدل على أموال الدنيا وعروضها أفاق من
علتها.
وإن كان نزوله من مكان مجهول لا يدريه أو برية أو إلى قوم موتى قد عرفهم
ممن تقدمه أو كان سقوطه تكويراً أو سقط منها في حفرة أو بئر أو مطمورة أو إلى أسد
افترسه أو إلى طائر اختطفه أو إلى سفينة مرسية أقلعت به أو إلى راحلة فوقها هودج
فسارت به فإنّ الدرج أيام عمره وجميع ما أنزل إليه منها موته حين تمّ أجله وانقضت
أيامه.
وإن كان سليماً في اليقظة من السقم وكان طاغياً أو كافراً نظرت فيما نزل
إليه فإن دلّ على الصلاح كالمسجد والخصب والرياض والاغتسال ونحو ذلك فإنّه يسلم
ويتوب وينزل عما هو عليه ويتركه ويقطع عنه وإن كان نزوله إلى ضد ذلك مما يدل على
العظائم والكبائر والكفر كالجدب والنار العظيمة المخيفة والأسد والحيات والمهاوي
العظام فإنه يستدرج له ولا يؤخذ بغتة حتى يرد عليه ما يهلك فيه ويعطب عنده ولا يقدر
على الفرار منه.
وتجدد بناء الدرج يستدل به على صلاح ما يدل عليه من فساده فإن
كان من لبن كان صالحاً وإن كان من آجر كان مكروها.
وقال بعضهم: الدرجة أعمال
الخير أولها الصلاة والثانية الصوم والثالثة الزكاة والرابعة الصدقة والخامسة الحج
والسادسة الجهاد والسابعة القرآن.
وكل المراقي أعمال الخير لقوله صلى الله عليه
وسلم: اقرأ وارق: فالصعود منها إذا كان من طين أو لبن حسن الدين والإسلام ولا خير
فيها إذا كانت من آجر وإن رأى أنّه على غرفة بلا مرقاة ولا سلم صعد فيه فإنه كمال
دينه وارتفاع درجته عند الله لقوله تعالى: " نرفع درجات من نشاء "
.
والمراقي من طين.
للوالي رفعة وعز مع دين وللتجار تجارة مع دين
وإن كانت من حجارة فإنه رفعة قساوة قلب.
وإن كانت من خشب فإنّها مع نفاق ورياء.
وإن كانت من ذهب فإنّه ينال دولة وخصباً وخيراً.
وإن كانت من فضة فإنه ينال
جواري بعدد كل مرقاة وإن كانت من صفر فإنّه ينال متاع الدنيا.
ومن صعد مرقاة
استفاد فهماً وفطنة يرتفع به.
وقيل الدرجة رجل زاهد عابد ومن قرب منه نال رفعة
ونسكاً لقوله تعالى: " يَرْفعُ الله الّذِينَ آمنوا مِنْكُمْ
والّذِينَ أوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ " .
وكل درجة للوالي ولاية سنة.
والسلم الخشب: رجل رفيع منافق والصعود فيه إقامة بنية لقوله تعالى: " أوّ سلُماً في السّماءِ فَتَاتِيهُمْ بآية " .
وقيل انّ
الصعود فيه استعانة بقوم فيهمِ نفاق وقيل هو دليل سفرِ.
فإن صعد
فيه
ليستمِع كلاماً من إنسان فإنّه يصيب سلطاناً لقوله: " أمْ لَهُمْ
سُلّم يَسْتمِعونَ فيهِ فَلْيَأتِ مُسْتمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مبِينِ " .
وقال رجل لابن سيرين: رأيت كأنّي فوق سلم فقال: أنت رجل تستمع علىَ الناس.
والسلم الموضوع على الأرض مرض وانتصابه صحة.
الطاق: الواسعة دليل على حسن
خلق المرأة والضيقة دليلِ على سوء خلقها.
والرجل إذا رأى أنّه جالس في طاق ضيق
فإنّه يطلق امرأته جهاراً وإن كان موضعه من الطاق واسعاً فإنّ المرأة تطلق من زوجها
سراً.
والصفة رئيس يعتمده أهل البيت.
الأبواب: الأبواب المفتحة أبواب الرزق
وباب الدار قيمها فما حدث فيه فهو في قيم الدار.
فإن رأى في وسط داره باباً
صغيراً فهو مكروه لأنّه يدخل على أهل العورات وسيدخل تلك الدار خيانة في امرأته.
وأبواب البيوت معناه يقع على النساء فإن كانت جدداً فهن أبكار وإن كانت خالية
من الأغلاق فهن ثيبات.
وإن رأى باب دار قد سقط أو قلع إلى خارج أو محترقاً أو
مكسوراً فذلك مصيبة في قيم الدار.
فإن عظم باب داره أو اتسع وقوي فهو حسن حال
القيم فإن رأى أنّه يطلب باب داره فلا يجده فهو حائر في أمر دنياه.
ومن رأى
أنّه دخل من باب فإن كان في خصومة فهو غالب لقوله تعالى: "
ادْخُلُوا عَلَيْهم البَابَ فَإذَا دَخَلتموهُ فَإنّكُم غَالبُون " .
فإذا رأى أبواباً فتحت من مواضع معروفة أو مجهولة فإنَّ أبواب الدنيا تفتح له
ما لم يجاوز قدرها فإن جاوز فهو تعطيل تلك الدار وخرابها.
فإن كانت الأبواب إلى
الطريق فإنّ ما ينال من دنياه تلك يخرج إلى الغرباء والعامة.
فإن كانت مفتحة
إلى بيت في الدار كان يناله لأهل بيته.
فإن رأى أنّ باب داره اتسع فوق قدر
الأبواب فهو دخول قوم عليه بغير إذن في مصيبة وربما كان زوال باب الدار عن موضعه
زوال صاحب الدار على خلقه وتغيره لأهل داره.
فإن رأى أنّه خرج من باب ضيق إلى
سعة فهو خروجه من ضيق إلى سعة ومن هم إلى فرِج.
وإن رأى أنّ لداره بابين فإنَّ
امرأته فاسدة فمن رأى لبابه حلقتين فإنّ عليه ديناً لنفسه فإن رأى أنّه قلع حلقة
بابه فإنّه يدخل في بدعة.
وانسداد باب الدار مصيبة عظيمة لأهل الدار.
العتبة: امرأة: روي أن إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم قال لامرأة ابنه
إسماعيل: قولي له غير عتبة بابك فقالت له ذلك فطلقها وقيل أنّ العتبة الدولة
والأسكفة هي المرأة والعضادة رئيس الدار وقيمها فقلعها ذلك لقيم الدار بعد العز
وتغيبها عن البصر موت القيم كما أن قلع أسكفته تطليق المرأة.
وحكي أنّ امرأة
أتت ابن سيرين فقالت: رأيت في المنام أسكفة بابي العليا وقعت على السفلى ورأيت
المصراعين قد سقطا فوقع أحدهما خارج البيت والآخر داخل البيت.
فقال لها: ألك
زوج وولد غائبان قالت نعم.
فقال أما سقوط الأسكفة العليا فقدوم زوجك سريعاً
وأما وقوع المصراع خارجاً فإنّ ابنك يتزوج امرأة غريبة.
فلم تلبث إلا قليلاً
حتى قدم زوجها وابنها جمع غريبة.
الغلق: من خشب هو البلط إذا فتح يكون فيه مكر.
ومن رأى أنّه يغلق باب داره بالبلط فإنّه محكم في حفظ دنياه.
فإن لم يكن له
بلط فليس له ضبط في أمر دنياه.
فإن رأى أنّه يزيد إغلاق باب داره ولا ينغلق
فإنّه يمتنع من أمر يعجز عنه.
وإن رأى غاز أنّه يفتح باباً يغلق فإنّه ينقب
حصناً أو يفتحه.
فإن فتحه رجل فإنّه يمكر بالمنسوب إلى ذلك النقب ويفتح عليه
خير من قبل ذلك الرجل.
ودخول الدرب دخول في سوم تاجر أو ولاية وال أو صناعة ذي
حرفة.
فمن رأى درباً مفتوحاً فإنّه يدخل في عمل كما ذكرت.
مرافق الدار:
المطبخ: طباخة.
والمبرز: امرأة فإن كان واسعاً نظيفاً غير ظاهر الرائحة فإنّ
امرأته حسنة المعاشرة ونظافته صلاحها وسعته طاعتها وقلة نتنه حسن بنائها.
وإن
كان ضيقاً مملوءاً عذرة لا يجد صاحبه منه مكاناً يقعد فيه فإنّها تكون ناشزة.
وإن كانت رائحته منتنة فإنّه