فى جريمة قرصنة مكتملة الأركان، شهد عليها العالم، ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلية، صباح أمس، مجزرة دامية راح ضحيتها ١٩ شهيداً وعشرات الجرحى من بين نحو ٧٠٠ ناشط من ٤٠ دولة، كانت تقلهم سفن «أسطول الحرية» فى طريقها إلى قطاع غزة، لفك الحصار المفروض على شعبه منذ ٤ سنوات، وتقديم ١٠ آلاف طن من المساعدات الإنسانية إليهم.
فتحت قوات الكوماندوز والقوات البحرية الإسرائيلية، مدعومة بمقاتلات حربية ومروحيات، النار على سفن الأسطول داخل مياه البحر المتوسط الدولية، قبل أن تقتادها إلى ميناء أشدود، وبينما زعم الناطق باسم جيش الاحتلال آفى بنياهو بأنه «يجهل من أعطى الأوامر بإطلاق النار»، أكد رئيس وزراء الدولة العبرية بنيامين نتنياهو «دعمه التام» للجيش الإسرائيلى عقب المذبحة الدامية.
وتسببت الجريمة الإسرائيلية فى «عواقب لا يمكن إصلاحها» فى العلاقات مع أنقرة- بحسب تعبير وزارة الخارجية التركية فى بيان لها، أمس.
وعلى إثر الهجوم الذى أوقع ١٥ شهيداً تركياً كانوا على متن السفينة «مرمرة»، كبرى سفن الأسطول، قطع رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان زيارته إلى أمريكا اللاتينية وعاد إلى بلاده لمتابعة الأزمة، بينما عقد نائبه بولاند أرينج اجتماعاً طارئاً مع كبار المسؤولين فى الجيش والداخلية.
وألغت الحكومة التركية ٣ مناورات عسكرية كانت مقررة مع إسرائيل، واستدعت سفيرها فى تل أبيب، كما استدعت السفير الإسرائيلى فى أنقرة لتبلغه احتجاجها. وغادر وزير الخارجية داوود أوجلو إلى نيويورك لحضور اجتماع الأمم المتحدة لبحث الاعتداء. وتظاهر المئات من الأتراك أمام القنصلية الإسرائيلية فى أسطنبول، بينما طالبت تل أبيب رعاياها بعدم التوجه لتركيا خشية التعرض لهجوم.
وخلال الدقائق الأولى بعد المجزرة، أعلنت عشرات الدول والمنظمات الدولية حول العالم إدانتها الجريمة، واستدعت ١٠ عواصم أوروبية سفراء تل أبيب لإبلاغهم احتجاجها، بينما غاب رد الفعل الرسمى المصرى طوال ساعات بعد الهجوم، وجاء متأخراً وتقليدياً فى صورة إعلان وزارة الخارجية إدانتها لـ«أعمال القتل»، ثم استدعائها السفير الإسرائيلى،
وتلا ذلك إعلان الرئيس حسنى مبارك، عصر أمس، استنكاره «لجوء إسرائيل للاستخدام المفرط وغير المبرر للقوة، وما أسفر عنه من سقوط ضحايا أبرياء». ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولى جلسة طارئة- فى وقت متأخر من مساء أمس- لبحث التطورات،
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض الأمريكى إن بلاده «تعرب عن أسفها لسقوط قتلى ومصابين، وتعمل حالياً على فهم الملابسات المحيطة بهذه المأساة»، فيما ألغى رئيس الوزراء الإسرائيلى زيارة إلى الولايات المتحدة كان مقرراً أن يلتقى خلالها «أوباما»، اليوم، وقطعت اليونان مناورات عسكرية مشتركة كانت جارية مع سلاح الجو الإسرائيلى.
وتظاهر الآلاف فى دمشق وعمان منددين بالمجزرة، فيما أعلنت الجامعة العربية عن عقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين، اليوم.
وقوبل الهجوم الإسرائيلى على القافلة بإدانة فلسطينية واسعة فى الضفة وقطاع غزة ومن قبل العرب فى الأراضى المحتلة عام ٤٨، وتظاهر مئات الفلسطينيين فى أنحاء القطاع احتجاجا على الجريمة الإسرائيلية خلال مسيرة دعت إليها حركة الجهاد الإسلامى،
وأدان رئيس الوزراء الفلسطينى المقال إسماعيل هنية الهجوم الإسرائيلى، ودعا إلى فك الحصار، وإلى «إضراب شامل فى الضفة والقطاع ومسيرات غضب واحتجاج فى الوطن والشتات على هذه الجريمة النكراء»، وأضاف فى كلمة خلال اجتماع لحكومته أن «هذه الجريمة فضيحة سياسية وإعلامية وستكون لها تداعياتها على الاحتلال الإسرائيلى».
وحيا هنية «كل المتضامنين والمشاركين فى القافلة وكل من سقط شهيدا» معتبرا أنهم «شهداء الشعب الفلسطينى وشهداء الحصار».
وفى الضفة، أدان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس «أبومازن» الهجوم الإسرائيلى الدامى على أسطول الحرية ووصفه بأنه «مجزرة»، معلناً الحداد ٣ أيام فى الأراضى الفلسطينية وتنكيس الأعلام،
وطالب الأمم المتحدة بأن «تقف فى وجه إسرائيل التى تضرب بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية»، معتبراً أن ما قامت به إسرائيل «عدوان مركب، حيث تم قتل من يقدمون المساعدة للشعب الفلسطينى المحاصر فى غزة المحاصرة أصلا من قبلها».
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون عن «صدمته» حيال الهجوم الإسرائيلى على أسطول الحرية، وقال إنه «من المهم أن يجرى تحقيق وافٍ لمعرفة كيف حدثت عملية إراقة الدماء بالتحديد. أعتقد أنه على إسرائيل أن تقدم تفسيراً وافياً».