قصة الفتاة التي غابت فجراً ..!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في هذا الزمن الذي تتقطع قلوبنا فيه, بسبب عشرات القصص التي نسمعها ونقرأها, تهز كياننا لكنها للأسف؛ لا تحرك فينا شعرة, لا تدفعنا لأن نتغير, لأن نُصلح من حالنا, لأن نجدد علاقتنا مع الله سبحانه وتعالى.
حكايتنا اليوم, تُطل من أرض حائل بالمملكة العربية السعودية, لفتاة في الثانية والعشرين من عمرها تعيش مع عائلتها في جنوب منطقة حائل. في احد الأيام التي سبقت دخول شهر رمضان المبارك, وفي الساعة الثالثة فجرا, سمع الأب صوتا في المنزل, فخرج من غرفته ليتفقد المنزل, دخل غرفة الأبناء, فإذا بهم جميعاً نائمون, عرج في طريقه على غرفة البنات, طرق الباب ودخل, إذا به يجد بناته نائمات عدا تلك الفتاة ذات الـ 22 ربيعا, فخرج يبحث عنها كالمجنون في المنزل, وتحرك البيت كله يبحث عنها, حيث الغياب غريب, وفي هذا الوقت بالذات!
أثناء البحث, سمِع الأب صراخ زوجته من على سطح المنزل, توجه هائما إلى هناك, ليجد زوجته جاثية على الأرض تصرخ وتبكي, وبجانبها ابنتهم المفقودة, على سجّادتها وبجانبها مصحفها قد سقط من يديها, حيث توفاها الله وهي قائمة تصلّي له في جوف الليل, حيث نامت العيون, و أغلقت الجفون, ولا يراها سوى من لا تأخذه سنة ولا نوم.
ما أن رآها الأب, حتى خر ساجداً وباكياً, يشكر ربه على تلك الميتة وتلك الخاتمة التي وهبها الله لأبنتهم, وهي تصلي في جوف الليل, وما أروعها من خاتمة.
تبين بعد ذلك, أن تلك البنت تعوّدت منذ زمن, بعد أن ينام أهلها, أن ترتقي إلى سطح المنزل لتقوم بين يدي الواحد الأحد من دون أن يراها احد!
تلك الفتاة كانت تحفظ عشرين جزءا من كتاب الله الكريم, وكانت تخطط لحفظه غيبا في هذا الشهر الفضيل, قُبضت روحها, وهي تناجي ربها في جوف الليل, حيث لم تقضه أمام شاشات التلفاز تقلب قنواته, حتى تنام بقربه كما هي حال الكثير من أبنائنا وبناتنا.
عرفت لذة القرب من الله, وعرفت لذة السجود بين يديه في جوف الليل, فوهبها الله نورا ومحبة وقرباً, لتموت وهي قائمة بين يديه ويبعث المرء على ما مات عليه.
ماتت فتاة حائل, لتبعث إلينا برسالة, أن جددوا علاقتكم بربّكم, وهذا شهر الخير بين يديكم, فلا تفوتوا الفرصة, فالموت أقرب إلى أحدنا من شراك نعله, ولا يعلم أحدنا إذا فتح عينيه هل يغمضها أم يتداركه الأجل, رزقنا الله وإياكم حسن الخاتمة.
إبراهيم الشيخ - كاتب صحفي