:بسم الله الرحم
كان هناك فلاح فقير يعيش في أحد الأزمان في قرية صغيرة بأحد أركان المدينة
كان يفلح أرضه ليل نهار ليجلب الطعام لأولاده الثلاث الصغار.
لم يكن له أولاد كبار يساعدونه في حرث الأرض .. فكان دائماً يعمل وحده طوال اليوم .
طلعت شمس ذات نهار .. فغطت بضوئها على أرض القرية تبعث بأشعتها نور الجد والنشاط والعمل .
خرج ذلك الفلاح من باب بيته الصغير وهو يحمل فأساً على كتفه يدعو ربه قائلا:
(اللهم يا رزاق يا كريم .. أرزقني لأطعم أولادي .. وبارك لي فيه)
بدأ يحرث في أرضه ويزرع هنا ويحصد من هنا ويروي نباتاته.
حتى استقرت الشمس في وسط السماء ترسل حرارتها العالية في كل الأرجاء
مسح الفلاح العرق من على جبينه قائلاً:
يارب قوني على عملي .. وبارك لي فيه.
كان الفلاح رجلا يؤمن بأن الله معه .. وأنه الله لن يضيع له تعب أبدا ..
فهو يكد ويعمل ويتعب لكي يجلب الطعام والكساء لأسرته الصغيرة.
أتى الليل بعد عمل شاق وتعب كبير .. يعلن عن وقت الراحة والنوم
حمل الفلاح فأسه وأدواته عائدا إلى منزله الصغير الصامد على طرف أرضه الخضراء .
دخل منزله قائلا بصوت مرتفع:
السلام عليكم يا أبنائي
أسرع إليه أطفاله الصغار .. فهم مشتاقون كثيرا إلى أبيهم .. لم يروه طوال النهار
ركضت عائشة لأبيها لتقبل يديه والبسمة الرقيقة تعلو شفتيها قائلة بلهفة:
كيف حالك يا أبي؟ لقد إشتقت إليك كثيراً
ضم الأب أولاده بين أحضانه ..
وبدأ يروي لهم حكاياته الشيقة بجانب موقد النار وهم يتناولون عصير الليمون
فقد نسي كل تعبه برؤية وجوه أطفاله الصغار.
إنتهى يومه الشاق بنوم عميق على بساطه الخشن.
هكذا كانت حياة ذلك الفلاح .. يستيقظ فجر كل يوم .. يبدأ يومه بالدعاء إلى ربه وطلب العون منه
ثم يخرج إلى عمله ولا يعود حتى غروب الشمس .. فإذا ما غربت رجع إلى منزله متعب منهك ..
يكون أولاده الصغار بانتظاره على أحر من الجمر ليلعب ويجلس معهم .. ويحكي لهم أجمل القصص والروايات .
حل منتصف الصيف .. أصبحت حرارة الشمس ترتفع يوما بعد يوم .
بدأ العمل يصعب ويصعب على الفلاح .
حتى مياه النهر بدأت تقل .. ولم يعد هناك ماء يكفي أهل القرية بأكملها.
جلس الفلاح حزينا ذات يوم تحت أحد أشجاره التي بدأت أوراقها بالجفاف والسقوط .. يفكر بالذي حل على أرضه
لا يعلم ماذا سيكون حال أرضه بعد جفاف الماء .. لأن بدونها لن يستطيع أن يروي أرضه.
وكيف سيعيش هو وأسرته دون طعام أو شراب.
نظر حوله يتأمل أرضه
أيقن عندها أن الذي أعطاه هذه الأرض ورزقه إياها هو الله
ومن رزقه هذه الأرض سيرزقه الماء أيضاً.
فرح الفلاح كثيرا عندما تذكر بأن الله هو الرزاق الكريم .
وبدأ يدعو ربه ليل نهار بأن ينزل عليه المطر لكي تعيش النباتات على أرضه
فكان يناجي ربه في صلاته قائلا:
(( اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل ))
رواه أبو داود
كان أهالي القرية يصلون كل يوم صلاة الإستسقاء لله تعالى طالبين منه المطر
لأن ماء النهر قد جف وزرع القرية قد يبس ومات .. وبدأ الطعام ينقص
وأصبح الأولاد جوعى
مرت الأيام صعبة على الناس ولكنهم لم ييأسوا من الدعاء والصلاة لله.
استيقظ الفلاح ذات يوم على صلاة الفجر .. حمل فأسه وخرج إلى بستانه قائلاً:
بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله..
اللهم يارزاق ارزقنا واسقنا غيثا طيبا نافعا.
إندهش الفلاح عندما خرج من باب بيته ورأى السماء مليئة بالغيوم السوداء
وكأنها تعلن عن نزول المطر.
ظل الفلاح واقفا على عتبة الباب يدعو ربه وهو ينظر إلى السماء
فإذا به يشعر برذاذ المطر يبلل وجهه.
وإذا بأول قطرات المطر تهطل وهي مسرورة مشتاقة لسقي الأراضي.
ظهرت ألوان الطيف الجميلة .. لونت السماء المغيمة بألوانها البهية
خرج كل أهالي القرية وهم فرحين مسرورين .. يشكرون الله على نعمه الكثيرة .. وعلى كرمه وعطاياه
والأطفال تلعب تحت المطر وتجري مسرورة فرحة
ابتهل وجه الفلاح بالفرح والسرور .. والبسمة أصبحت ملازمة لوجهه لم تفارقه
رفع يديه إلى السماء يشكر ربه قائلا:
الحمد لله ياربي.
تــــــــــمــــــــــــت
بــــحـــــمـــــد الله تـــعـــــالى
[center]