أبو بكر الرازي
سيرته
هو أبو بكر محمد بن زكريا المعروف بالرازي،
ولد جنوبي طهران سنة 865م وفي الثلاثين من عمره انتقل إلى بغداد واستقر بها،
عايش الخليفة العباسي عضدالدولة وتتلمذ في علوم الطب على يد علي بن زين الطبري
(صاحب أول موسوعة طبية عالمية "فردوس الحكمة" )،
والفلسفة على يد البلخي.
كان الرازي أيام عصره متقناً لصناعةالطب، عارفاً بأوضاعها وقوانينها،
تشدّ إليه الرحال لأخذها عنه، صنَّف الكثير منالكتب القيِّمة،
وترك بصمات هامة في تاريخ الأدب الطبي،
والألقاب التي أُطلقت عليهتعبِّر بشكل صريح عن عبقرية هذا العالِم وتميّزه،
ومن هذه الألقاب: أمير الأطباء،أبقراط العرب،
جالينوس العرب، منقذ المؤمنين.
عندما أسس عضد الدولة المستشفىالعضدي جمع أشهر الأطباء على امتداد الإمبراطورية ففاق عددهم المائة طبيب، فاختارخمسين منهم ليكونوا طاقم المستشفى فكان الرازي منهم،
ثمّ انتقى عشرة أطباء كرؤساءللأقسام فكان الرازي أبرزهم،
وبالنظر لمؤهلاته جعله رئيساً لأطباء المستشفى،
ولميمضِ وقت طويل حتى ذاعت شهرته في طول البلاد وعرضها،
وزحف طلاب العلم قاصدين بغدادلتلقي المعرفة على يديه،
فأصبح حجَّة في علم الطب ومرجعاً للحالات المستعصية حتىلقب "بجالينوس العرب".
..............................................................................
آثاره
ترك الرازي مكتبة غنية وإنتاجاً غزيراً إذ بلغتمؤلفاته مائتين وواحدا وسبعين كتاباً،
أكثرها في الطب وبعضها في الكيمياء والعلومالطبيعية والرياضيات والمنطق والفلسفة والعلوم الدينية والفلك،
وأعظم مؤلفاتهوأشهرها على الإطلاق كتاب * "الحاوي في الطب" الذي سجَّل فيه الطب الهندي والفارسيوالعربي
مع سجل كبير من الحالات السريرية المتميزة،
ووضع فيه تجاربه الشخصية لدعمالنظريات السابقة أو لدحضها،
ويقع الكتاب في ثلاثين جزءا تتضمن ذكر الأمراضومداواتها مما هو موجود في سائر الكتب الطبية التي صنفها
السابقون ومن أتى بعدهمحتى أيامه،
ومن جليل فضله أنه كان ينسب كل شيء نقله إلى صاحبه،
وهذا يدل على مبلغأمانته العلمية واعترافه بفضل المتقدمين،
ويذكر المؤرخ ماكس مايرهوف أنه في عام1500م كان هناك خمس طبعات لكتاب الحاوي مع عشرات
الطبعات لأجزاء منه. وله أيضا كتبأخرى قيمة منها
* كتاب "المنصوري" في علم الطب وترجم إلى اللاتينية والإنكليزية والألمانية والعبرية.
* رسالتهالرائعة في "الجدري والحصبة" تعتبر من أروع الرسائل العلمية المفصلة في وصف هذينالمرضين
ووضع التشخيص التفريقي بينهما وكيفية علاجهما
* كتاب "لمن لا يحضره طبيب"، عبارة عن كتاب شعبي يُسهب في وصف العلل وأعراضها وعلاجهابالأدوية
والأعشاب التي يمكن أن تتوفر في كل منزل، وعُرف هذا الكتاب بـ "طبالفقراء".
* كتاب "الأسرار في الكيمياء" هذا الكتاب بقي لمدة طويلة مرجعاًأساسياً لمدارس الغرب والشرق.
هذا بالإضافة إلى أكثر من 200 كتاب في الطب، لذلكوصف "أ. براون" الرازي قائلاً: إنَّه من أقدر الأطباء
المسلمين وأكثرهم ابتكاراًوأعظمهم إنتاجاً.
وأما ابتكاراته الطبية والعلمية فنذكر منها:
* الرازيهو أول من أدخل الملينات في علم الصيدلة، وهو أول من اعتبر الحمى عرضاً وليستمرضاً.
* وهو أوَّل من ابتكر طريقة أخذ المشاهدات السريرية ومراقبة المريضوتسجيل ما يبدو عليه منأعراض،
ليستنتج من ذلك أحواله وتطورات مرضه.
* للرازيطرائق هامة في الطب التجريبي تضمَّنها كتاب الحاوي
* اهتمَّ الرازي اهتماماً كبيراً بالأمراض النفسية وارتباطالتأثيرات النفسية على مجمل الصحة العامة.
* وهو أول من خاط جروح البطن بأوتارالعود.
* وهو أول من عالج الخراجات بالخزام.
* له في الكيمياء اكتشافات هامةأهمها حمض الكبريت وكان يسميه زيت الزاج.
* أول من استقطر المواد السكريةوالنشوية المتخمرة واستحصل منها على الكحول.
*اشتغل الرازي بتعيين الكثافاتالنوعية للسوائل وصنف لقياسها ميزاناً خاصاً أطلق عليه اسم"الميزانالطبيعي".
خاتمة:
عاش هذاالعبقري أيامه الأخيرة في فقر مدقع، لكن شهرته بقيت تجوب الآفاق، واسمه بقي لامعاًفي سجل
الخالدين، فنرى أنَّ الملك الفرنسي الشهير "لويس الحادي عشر" قد دفع الذهبالوفير وبطيب خاطر لينسخ له
أطباؤه نسخة خاصة من كتاب الحاوي كي يكون لهم مرجعاًإذا أصابه مرض ما، والشاعر الإنكليزي القديم
"جوفري تشوسر" يأتي على ذكر الرازي فيإحدى قصائده المشهورة في كتابه "أقاصيص كونتربري"، وأطلقت
جامعة بريستون الأميركيةاسمه على أكبر أجنحتها تقديراً له، وفي كلية الطب بجامعة باريس نجد نصباً
تذكارياًللرازي مع صورة له في شارع سان جرمان، كما ويطلق اسمه على الكثير من مستشفياتوقاعات
التدريس والساحات في الدول العربية والإسلامية.
مما يجدر ذكره في نهايةهذه العجالة السريعة التي تخص علماً من أعلام الحضارة العربية الإسلامية وعبقرياًمن
عباقرة التاريخ الذين خُلِّدوا في سجل الحضارة الإنسانية، أن اسم الرازي يزيِّنالكثير من كتب الغرب ويُعرف في
اللغات الأجنبية باسم رازيس Rhazes