اللصُّ والحَلْوَى
الحلوى ما أحلى هذهِ الكلمة الدنيا حلوةٌ لأنَّ فيها حَلوى
وفي هذهِ الليلةِ الحلوة أعدَّتْ لنا أُمُّنا أصنافاً من الحلوى عبقَتْ روائحُها اللذيذةُ في أرجاء البيت فسالَ لها لعابي وهامَ بها قلبي وبطني
وسألْتُ أُمِّي: متى تنضجُ الحلو
بعدَ قليل نفدَ صبري
اصبرْ مثلَ إخوتكَ
إخوتي لا يدركونَ مثلي قيمةَ الحلوى
أتحبُّها كثيراً؟ حبُّها أتلفَ قلبي وأسناني
غادرَتْني أُمِّي، وهيَ تضحك
وانتظرْتُ على جَمر أتنسَّمُ روائحَ الحلوى وألحسُ شفاهي
سينضجُ قلبي قبلَ أنْ تنضجَ الحلوى
ما أمرَّ الصبرَ! لازمْتُ أُمِّي كظلِّها أمشي وراءها إذا مشَتْ وأقفُ إذا وقفَتْ
وأخيراً نضجَتِ الحلوى وخرجَتْ من الفرنِ مُحمرَّةَ الوجهِ خجلاً كأنَّها تقولُ لنا: سامحوني لقد تأخَّرْت
وأحدقْنا بها من كلِّ جانبٍ نلتقفُها التقافاً ولا نعبأُ بسخونتها
أكلَ إخوتي وأكلْتُ
شبعَ إخوتي وما شبعْتُ
خافَتْ أُمِّي عليَّ رفَعت الحلوى من أمامي فارتفعَ معها قلبي وسافرَتْ خلفَها عيني صبرْتُ مُرغَماً وشرعْتُ أمسحُ بطني براحتي الحانيةِ، لتنامَ فيهِ الحلوى هانئةً
وعندما نامَ أهلي جميعاً وأخذوا يشخرونَ ويحلمونَ كنْتُ أرِقاً يقظانَ أحلمُ بالحلوى وأتخيَّلُها أمامَ ناظري حمراءَ الوجهِ لذيذةَ الطعمِ فالتهمُها بفمي وأمضغُها بخيالي وألحسُ شفاهي فلا أجدُ سوى لعابي
ما أطولَ الليلَ وما أبعدَ الصباح
بتُّ أتقلَّبُ في فراشي وقد أضناني السهادُ وجفاني الرقادُ والحلوى ترقدُ هانئةً لا تشعرُ بحبِّي وعذابي
وفي هَدْأَةِ الليل انسللْتُ من فراشي سرْتُ على رؤوسِ أصابعي وصلْتُ إلى المطبخ أشعلْتُ شمعةً صغيرة
الحلوى على ظهرِ الخزانةِ، في مكانٍ مرتفعٍ، يليقُ بها، ويُبعدُها عنِ العيون
ما العمل؟ أتيْتُ بكرسيٍّ صعدْتُ فوقَهُ مددْتُ يدي لم تصلْ إلى طبقِ الحلوى
وقفْتُ على رؤوسِ أصابعي تطاولْتُ ما استطعْتُ وحينما أمسكْتُ بالطبقِ انقلبَ الكرسيُّ سقطْتُ أنا والطبقُ وانطفأتِ الشمعةُ
صرخْتُ صرخةً مُبغمة ولذْتُ بالصمتِ والظلام
استيقظَ أبي وأُمِّي على صوت سقوطي
سمعْتُ أُمِّي تخاطبُ أبي بصوتٍ هامس: هناكَ لصٌّ في المطبخ
هاتي عصا الممسحة
وأنا ماذا أعمل؟ خذي فردةَ القبقاب
سمعْتُ وَقْعَ أقدامهما يقتربُ منِّي ويختلطُ بدقّاتِ قلبي
أشعلَ أبي الضوء شهقَتْ أُمّي حالما رأتْني
قال أبي غاضباً: اللصُّ هو ابنكِ
صاحَتْ أُمّي مدهوشةً: أهذا أنتَ
ورأى الاثنانِ، دماءً غزيرةً تسيلُ من شفتي وتسقطُ على الحلوى المتناثرة فتصبغُها بحُمرةٍ قانية
ألقيا سلاحَهما وانحنيا فوقي يتفحَّصانِ شفتي السفلى
قالَتْ أُمِّي وقد اصفرَّ وجهُها: شفةُ الولدِ مثقوبة هيّا نسعْفهُ أسرعْ أسرعْ نزفَ دمُ الولد
حملَني أبي وسارَتْ خلفَهُ أُمِّي تبكي وتقول: احفظْهُ لنا يا رب
الحلوى ما أحلى هذهِ الكلمة الدنيا حلوةٌ لأنَّ فيها حَلوى
وفي هذهِ الليلةِ الحلوة أعدَّتْ لنا أُمُّنا أصنافاً من الحلوى عبقَتْ روائحُها اللذيذةُ في أرجاء البيت فسالَ لها لعابي وهامَ بها قلبي وبطني
وسألْتُ أُمِّي: متى تنضجُ الحلو
بعدَ قليل نفدَ صبري
اصبرْ مثلَ إخوتكَ
إخوتي لا يدركونَ مثلي قيمةَ الحلوى
أتحبُّها كثيراً؟ حبُّها أتلفَ قلبي وأسناني
غادرَتْني أُمِّي، وهيَ تضحك
وانتظرْتُ على جَمر أتنسَّمُ روائحَ الحلوى وألحسُ شفاهي
سينضجُ قلبي قبلَ أنْ تنضجَ الحلوى
ما أمرَّ الصبرَ! لازمْتُ أُمِّي كظلِّها أمشي وراءها إذا مشَتْ وأقفُ إذا وقفَتْ
وأخيراً نضجَتِ الحلوى وخرجَتْ من الفرنِ مُحمرَّةَ الوجهِ خجلاً كأنَّها تقولُ لنا: سامحوني لقد تأخَّرْت
وأحدقْنا بها من كلِّ جانبٍ نلتقفُها التقافاً ولا نعبأُ بسخونتها
أكلَ إخوتي وأكلْتُ
شبعَ إخوتي وما شبعْتُ
خافَتْ أُمِّي عليَّ رفَعت الحلوى من أمامي فارتفعَ معها قلبي وسافرَتْ خلفَها عيني صبرْتُ مُرغَماً وشرعْتُ أمسحُ بطني براحتي الحانيةِ، لتنامَ فيهِ الحلوى هانئةً
وعندما نامَ أهلي جميعاً وأخذوا يشخرونَ ويحلمونَ كنْتُ أرِقاً يقظانَ أحلمُ بالحلوى وأتخيَّلُها أمامَ ناظري حمراءَ الوجهِ لذيذةَ الطعمِ فالتهمُها بفمي وأمضغُها بخيالي وألحسُ شفاهي فلا أجدُ سوى لعابي
ما أطولَ الليلَ وما أبعدَ الصباح
بتُّ أتقلَّبُ في فراشي وقد أضناني السهادُ وجفاني الرقادُ والحلوى ترقدُ هانئةً لا تشعرُ بحبِّي وعذابي
وفي هَدْأَةِ الليل انسللْتُ من فراشي سرْتُ على رؤوسِ أصابعي وصلْتُ إلى المطبخ أشعلْتُ شمعةً صغيرة
الحلوى على ظهرِ الخزانةِ، في مكانٍ مرتفعٍ، يليقُ بها، ويُبعدُها عنِ العيون
ما العمل؟ أتيْتُ بكرسيٍّ صعدْتُ فوقَهُ مددْتُ يدي لم تصلْ إلى طبقِ الحلوى
وقفْتُ على رؤوسِ أصابعي تطاولْتُ ما استطعْتُ وحينما أمسكْتُ بالطبقِ انقلبَ الكرسيُّ سقطْتُ أنا والطبقُ وانطفأتِ الشمعةُ
صرخْتُ صرخةً مُبغمة ولذْتُ بالصمتِ والظلام
استيقظَ أبي وأُمِّي على صوت سقوطي
سمعْتُ أُمِّي تخاطبُ أبي بصوتٍ هامس: هناكَ لصٌّ في المطبخ
هاتي عصا الممسحة
وأنا ماذا أعمل؟ خذي فردةَ القبقاب
سمعْتُ وَقْعَ أقدامهما يقتربُ منِّي ويختلطُ بدقّاتِ قلبي
أشعلَ أبي الضوء شهقَتْ أُمّي حالما رأتْني
قال أبي غاضباً: اللصُّ هو ابنكِ
صاحَتْ أُمّي مدهوشةً: أهذا أنتَ
ورأى الاثنانِ، دماءً غزيرةً تسيلُ من شفتي وتسقطُ على الحلوى المتناثرة فتصبغُها بحُمرةٍ قانية
ألقيا سلاحَهما وانحنيا فوقي يتفحَّصانِ شفتي السفلى
قالَتْ أُمِّي وقد اصفرَّ وجهُها: شفةُ الولدِ مثقوبة هيّا نسعْفهُ أسرعْ أسرعْ نزفَ دمُ الولد
حملَني أبي وسارَتْ خلفَهُ أُمِّي تبكي وتقول: احفظْهُ لنا يا رب