إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره …..
فأتكلم معكم أيها الأخوة عن ((بناء النفس)) في النقاط التالية:
1- أهمية الموضوع.
2- معنى بناء النفس.
3- مكونات بناء النفس .
4- العوامل المساعدة في بناء النفس.
5- معوقات بناء النفس.
6- آثار عدم بناء النفس.
7- نماذج من البناة .
أولاً:أهمية الموضوع :
تتضح أهمية هذا الموضوع في النقاط التالية:
1- التقصير الملحوظ في هذا الموضوع من قبل المسلمين، فاهتمامهم ببناء أنفسهم ضعيف.
2- كثرة الفتن والشهوات في هذا العصر مما يحتاج إلى مواجهتها ببناء النفس.
3- أن ما تعود عليه الإنسان في صغره يستمر معه في كبره.
4- أن المسلم داعية يعمل على بناء الآخرين مما يحوجه إلى بناء نفسه أولاً.
5- الآثار الإيجابية المترتبة على بناء النفس ،ولعل أهمها الفوز برضوان الله والجنة.
6- الآثار السلبية المترتبة على ترك بناء النفس ، ولعل أبرزها أنك ستحاسب عن ذلك يوم القيامة.
ثانياً:معنى بناء النفس :
أقصد ببناء النفس : تربية النفس على القيام بأعمال تقرب إلى الله مع ترك أعمال يخاف من تأثيرها على السير إلى الله .
ثالثاً:مكونات بناء النفس:
ينبغي للمسلم الصالح أن يبني نفسه على جملة من الأمور أهمها ما يلي :
1- طلب العلم الشرعي :
انتم أيها الاخوة تعرفون أن العلم افضل ما طُلب وأ شرف ما رُغب فينبغي لمن زهد في العلم كما يقول الماوردي أن يكون فيه راغباً ولمن رغب فيه أن يكون له طالباً ، ولمن طلبه أن يكون منه مستكثراً ولمن إ ستكثر منه أن يكون به عاملاً.
والآيات في الدلالة على فضل العلم وطلبه كثيرة ، منها : قول الله تعالى : (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)) (الزمر:9).
فمنع سبحانه المساواة بين العالم والجاهل ، كما خص به العالم من فضيلة العلم .
وقال تعالى (( وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)) (العنكبوت:43)
فنفى أن يكون غير العالم يعقل عنه أمراً أو يفهم منه زجراً.
وقال تعالى (( شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ...)) (آل عمران)
فاستشهد الله العلماء دون غيرهم من البشر وقرن شهادتهم بشهادته سبحانه، وشهادة الملائكة ولا يستشهد الله إلا العدول .
وأمر الله نبيه صلى الله علبه وسلم أن يسأله مزيداً من العلم فقال (( وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً)) (طه:Surprised4).
وأخبر الله عن رفعه لدرجات أهل العلم و الأيمان (( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)) (المجادلة:Surprised).
والأحاديث جاءت بمدح العلم وأهله من ذلك : (( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )).
وحديث (( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق،ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها)).
وحديث (( من سلك طريق يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم ، وأن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء ، وان فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وأن العلماء ورثة الأنبياء وأن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً و إنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر )) .
فينبغي لك أيها الأخ أن تبني نفسك على طلب العلم ، ولابد أن تعلم أن هناك مسائل من العلم لا يسعك الجهل بها ، فتعلّمها فرض عين على كل مسلم كمعرفتك كيف تتطهر وكيف تصلي ونحو ذلك .
فإذا علمت هذه الأشياء فاطلب المزيد وذلك بالبدء في حفظ القرآن الكريم أو ما تيسر منه وبحضور الدروس العلمية ، وعندما تحضر لابد أن تحضّر قبل الحضور بأن تقرأ ما سيشرحه الشيخ ، فإذا بدأ بالشرح انتبهت له جيداً وعلقت معه التعليقات التي يذكرها ، وتكتب ما يرد في ذهنك من أسئلة ، فإن أتيحت لك الفرصة طرحتها ، وإلا تحاول البحث عن إجابتها في وقت آخر للشيخ ، ثم بعد ذلك تراجع ما شرح وتقرأه مرة أخرى وتحضر للدرس القادم ، بمعنى أنك تكون حاضر الذهن دائماً مطبقاً لمنهج التعلم ، وبإمكانك معرفة منهج التعلم بالرجوع إلى الكتب المؤلفة في طلب العلم ، ولا تنس الاستماع إلى الأشرطة العلمية والاستزادة من قراءة الكتب القراءة الصحيحة لا مجرد المطالعة، وأن استطعت زيارة العلماء للاستفادة من توجيهاتهم وسؤالهم عما يشكل عليك ، كذلك لا تنسى محاولة التلخيص لما تعلمت وإعداد البحوث في مسألة ما أ شكلت عليك ، أو تريد تجليتها ، ومن ثم تحرص على إلقائها على من هم دونك فإن هذا يثبت معلوماتك على أن يكون بحثك هذا عرضته على من هو أعلم منك حتى يصحح لك ما فيه من أخطاء ، أو تثير هذه المسائل في مقابلاتك الشخصية لتستفيد تثبيت معلوماتك وتستفيد جعل مجلسكم مجلس علم.
و أما مجرد الحضور لحلقة الشيخ دون إحضار كتاب أو مع إحضار الكتاب ولكن دون تعليق فمثل هذا لن يستفيد الفائدة العلمية الحقه .ولن يحصل إلا على بركة حلقة العلم وربما بعض الشوارد التي تعلق في ذهنه.
2- العبادة :
هي الغرض من خلق الجن والإنس (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) (الذاريات:56)
وهي الغرض من إنزال الكتب وإرسال الرسل (( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ)) (النحل:36)
وأمر بها حتى الموت (( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)) (الحجر:99)
وهي الصلة الروحية بين العبد وربه وهي الو سيله لغفران الذنوب وتكفير السيئات وباختصار هي السبب للحصول على رضا الله والجنة ، ولذا عليك أن تبني نفسك على العبادة وتجعلها خالصة لوجه الله تابعاً فيها الرسول صلى الله عليه وسلم مواظباً عليها بقدر ما تستطيع مسارعاً إليها ، مقدماً الفرائض تؤديها إيماناً واحتساباً محاولاً إكمالها بخشوعها وأركانها وواجباتها بل ومستحباتها . وأول هذه الفرائض الصلاة . تبني نفسك على التبكير إليها ، فإنك إذا عودت نفسك ذلك اعتادت عليه ولم يشق عليك ، تؤديها بخشوعها وإكمال لسننها وأبن نفسك على آلا تستعجل فيها .كذلك تحرص على السنن الراتبه تبني نفسك على عدم تركها ، ثم بقية النوافل وأهمها صلاة الليل حاول أن تبني نفسك على قيام الليل ولو جزءً يسيراً في البداية ، المهم أن تحرص آلا يفوتك الليل دون قيام جزء منه ولو عشر دقائق ولو ركعتين ، كذلك صوم النافلة لو عودت نفسك على صيام الاثنين أو الخميس أو كليهما ، أو ثلاثة أيام من كل شهر أو أيام البيض لاعتادت ذلك ، نعم قد تواجه مشقة في البداية ولكن ما إن تستمر على هذا العمل حتى يصبح أمراً ميسوراً بالنسبة لك بل إنك لا تستطيع تركه ، كذلك قراءة القران تبني نفسك على آلا يمضي اليوم دون أن تقرأ وليكن أقل ما تقرأ جزءاً فان أردت الزيادة فهو افضل إلى عشرة أجزاء . المهم أن تربي نفسك آلا يمضي يوم دون قراءه . فإذا وضعت جنبك للنوم وتذكرت انك لم تقرأ هذا اليوم فأنهض مسرعاً فزعاً كمن لدغته عقرب . وأقرا ما فاتك ، إذا استمر وضعك كذا فإنك لن تترك القراءة . كذلك الأذكار لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله عود نفسك على كثرة الذكر وان لسانك لا يفتر من ذكر الله و التسبيح وتهليل وتحميد وتكبير واستغفار وهكذا في بقية العبادات .
3- الدعوة إلى الله عز وجل :-
أمر الشارع الحكيم بالدعوة ومدح من اتصف بها وحذر من تركها فقال الله تعالى (( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ...)) (آل عمران:104)
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي بن آبى طالب (( لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ))
وقال صلى الله عليه وسلم (( من كتم علماً ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار ))
فلابد تبني نفسك على الدعوة إلى الله بدراسة منهج النبي الدعوي والانطلاق على ضوئه ولا بد أن تتنبه إلى آلا تحصر ذهنك في جانب واحد من جوانب الدعوة . إنما خذ من الجوانب ما يناسبك . كما لا تحصر ذهنك في طائفة معينة بل ادع كل من رأيت وفي أي مكان وزمان ، وأجعل الدعوة هاجساً لك دائماً في بالك ، بعض الناس إذا كان مع مجموعة حصر ذهنه في الدعوة بهذه المجموعة . أو ما ينبثق عنها ويترك الأخرى يا أخي الدعوة ليست محصورة ادع كل الناس وفي كل مكان وكل زمان سواء بإلقاء كلمة في المسجد أو في المجالس أو الاستراحات أو على الشاطئ بمعنى آخر في أماكن تجمع الناس ، أو توزيع الأشرطة الإسلامية والكتيبات النافعة ، أو بالكتابة في أي مجال للكتابة أو كتابة رسالة خاصة لمن تريد دعوته . أو بالمشاركة مع الدعاة وشد أزرهم أو بالقيام بالأعمال المساعدة كتصوير إعلانات المحاضرات وتوزيعها على المساجد والأماكن العامة . المهم أن تعود نفسك على الدعوة حتى لا تستطيع أن تفقدها.
4- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
والمعروف هو اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى من طاعته والإحسان إلى عباده.
والمنكر هو اسم جامع لكل ما عرف بالشرع والعقل قبحه من معصية الله تعالى وظلم عباده . فليس المقياس في معرفة المعروف والمنكر عرف الناس وتقاليدهم وما شاع بينهم . بل المقياس هو شرع الله الحكيم . لأن الناس قد يتعارفون على شيء ويألفونه ويشيع بينهم وهو في الحقيقة منكر ، كإعفاء اللحية أصبح عند بعض المجتمعات منكراً. وآما لبس الثوب والبنطلون الذي ينزل تحت الكعبين فهو أمر معروف عندهم منكر في نظر الشارع . وأنتم تعرفون فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
يقول الله تعالى (( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (آل عمران:104) .
ويقول (( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ)) (آل عمران:Surprised0)
ويقول (( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ)) (الاعراف:157)
ويقول (( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)) (التوبة:71)
ويقول عمر بن عبد العزيز كان يقال ان الله تبارك وتعالى لا يعذب العامة بذنب الخاصة ولكن إذا عمل المنكر جهاراً استحق العقوبة كلهم . وأنتم تعرفون الحديث (( ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم المعاصي يقدرون على أن يغيروا فلا يغيروا إلا أصابهم العذاب من قبل أن يموتوا))
وتعرفون قول أبي بكر(( يا أيها الناس إنكم تعرفون هذه الآية (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ )) وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( أن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمهم الله بعقاب منه )) .ولا يغيب عن أذهانكم حديث حذيفه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم )) ،(المائدة:105)
لابد يا أخي أن تبني نفسك على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تصبر على ما أصابك في سبيل الله ولا تلقي باللائمة على غيرك ، مارس أنت دورك ولا يكن همك انتقاد الآخرين في تقصيرهم في أداء أدوارهم ، مر بالمعروف وأنه عن المنكر بالكلمة الهادفة والنصيحة الحسنة بإهداء كتيب أو شريط أو نشرة صغيرة أو عن طريق الرسالة الودية أو عن طريق الهاتف أو عن طريق الصحيفة السيارة أو غيرها من الوسائل ، وتنبه إلى أنه لا يشترط أن تكون معصوماً لتقوم بهذه المهمة . حتى وأنت مخطئ مقصر قم بهذا العمل ولا تجمع تقصيرين تقصير المعصية وتقصير ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . نعم جاهد نفسك على ترك المعصية ولكن لا يمنعك ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
5- ترك المعصية :
يقولون أن المعاصي بريد الكفر والمقصود بالمعصية كل عمل خالف فيه المكلف ربه سواء كان ذلك بترك ما هو واجب الفعل . أو بفعل ما هو واجب الترك مع علمه بذلك دون جهل أو نسيان ، وللمعاصي أصول ثلاثة . تعلق القلب بغير الله وغايته الشرك بالله وطاعة القوة الغضبية . وغايته القتل وطاعة القوة الشهوانية وغايته الزنا ولذلك جمع الله بينهما في قول الله تعالى (( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ...)) (الفرقان:6Cool الآية .
المعاصي كلها سبب للضلال والعقوبة والعذاب قال الله تعالى (( وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً)) (الاحزاب:36).
وقال عز وجل (( وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)) (الجن:23) . قال بلال بن سعد رحمه الله ( لا تنظر إلى صغر الخطيئة أو المعصية ولكن أنظر إلى من عصيت )وقال علي بن أبى طالب لأبنه الحسن رضي الله عنهما : " يا بنى أحذر من أن يراك الله عند معصية ، ويفقدك عند طاعة فتكون من الخاسرين " وقال النبي صلى الله عليه وسلم (( إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وذا بعود ، حتى حملوا ما انضجوا به خبزهم ، وان محقرات الذنوب حتى يؤخذ بها صاحبها تهلكه))
وقال صلى الله عليه وسلم (( أن المؤمن إذا أذنب نكتت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه وإن زاد زادت فذلك الران الذي ذكره الله في كتابه )) (( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ)) (المطففين:14).
أيها الأخوة : إياكم من التساهل بمعصية الله فإن ذلك موجب لسخط الله يقول النبي صلى الله عليه وسلم (( إياكم والمعصية فإن بالمعصية تحل سخط الله عز وجل)) .
فأنت يا أخي تبني نفسك قدر ما تستطيع على ترك المعاصي لاسيما الكبائر وأحذر أن تأسرك معصية ولو كانت صغيره ، فلا صغيرة مع الإصرار . وتأكد أنك إذا بنيت نفسك على معصية معينة ولو كانت صغيرة فإنها ستستمر معك حتى غي كبرك وربما جرت عليك ما هو أعظم . إذا تركت المعصية قد تتركها في البداية بمشقة وصعوبة ومجاهدة ولكن يعينك الله فيما بعد فيسهل عليك تركها وربما لم تعد نفكر بها أصلاً .
6- حسن الخلق :
لحسن الخلق مكانة رفيعة في الإسلام فقد أثنى الله على نبيه لحسن الخلق فقال (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) (القلم:4)
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
(( إنما بعثت لتمم مكارم الأخلاق))
بل كان صلى الله عليه وسلم يدعو ربه أن يهديه لأحسن الأخلاق (( اللهم أهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ))
وتعوذ من منكرات الأخلاق فقال (( اللهم أني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأدواء)) .
وحث الناس على حسن الخلق فقال (( وخالق الناس بخلق حسن))
وحسن الخلق يدخل الجنة ( سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال (( تقوى الله وحسن الخلق ))
فأبن نفسك على كريم الأخلاق ن فلا تتكلم ألا بصدق سألت عائشة الرسول صلى الله عليه وسلم بم يعرف المؤمن قال (( بوقاره ولين كلامه وصدق حديثه ))
وفي الحديث (( عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر ))
فإن كذبت في حديثك مرة ومرة وبنيت نفسك على هذا عسر عليك مفارقته حتى تكتب عند الله كذاباً . كذلك تتعامل بالأمانة وتراعيها قال تعالى (( وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)) (المؤمنون:Cool
ويقول الرسول عليه السلام (( لا إيمان لمن لا أمانة له))
فتربي نفسك على أن تقوم بالأمانة الملقاة على عاتقك خير قيام فإن كان عندك علم بلغته ولم تكتمه . وإن كان عندك حق لأحد أديته ، وتقوم بعملك ووظيفتك على أكمل وجه ، وتحافظ على زوجتك وأولادك فهم أمانة ، أيضاً بنيت نفسك على الحياء واكرم به من خصلة تمنع من فعل القبيح والحياء من الأيمان ولاياتي ألا بخير وكان صلى الله عليه وسلم (( أشد حياء من العذراء في خدرها ))
ومن الأخلاق الحسنة التي ينبغي أن تبني نفسك عليها الحلم والتواضع والصبر والكرم وغيرها من الأخلاق
7- ترك التوسع في المباحات :
من المأكل والمشرب والملبس والمنكح والمنام ونحو ذلك فأن الانشغال بها انشغال عما هو أهم من الطاعات ونوافل الخير . بل الاشتغال بها والتوسع فيها وربما أدى إلى أن تجره إلى مالا يحمد وقد كان السلف لا يتوسعون في المباحات وقد ذم اله من أذهب طيباته في حياته الدنيا وقال صلى الله عليه وسلم (( أخوف ما أخاف عليكم من أن تفتح عليكم الدنيا )).
ولكن هل يعني هذا أننا نترك المباحات ؟ أقول لا أيها الأخوة فالله عز وجل أمر بالتمتع بالطيبات فقال (( كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً)) (البقرة:168)
وقال (( كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ )) (البقرة:57)
وأنكر على من حرم الطيبات فقال (( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ )) (الاعراف:32)
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو أعبد الناس وأزهدهم يحب العسل ويأكل اللحم وتعجبه الزراع ويحب الطيب والنساء وهي من متع الحياة المباحة بل نهى عن ترك المباح بالكلية فنهى من أراد التبتل ونهى من يريد حرمان نفسه من اللحم ومن يريد حرمان نفسه من الزواج ويريد حرمان نفسه من النوم ، وأقر سلمان عندما أنكر على أبي الدرداء إ انشغاله عن أهله وإن لأهلك عليك حق . إذاً ما الضابط في هذا أقول :
إن المباح إما أن يكون وسيلة إلى مأمور به أو وسيلة إلى منهي عنه أو لا يكون وسيلة الى أي منهما . فإن كان وسيلة إلى مأمور به فهو مطلوب فعله كما في الحديث (( نعم المال الصالح للرجل الصالح))
وكما في الحديث (( ذهب أهل ألد ثور بالأجور ))
وإن كان وسيلة إلى منهي عنه أخذ حكمه كما جاء عن بعض السلف (( كنا ندع مالا بأس به حذراً مما به بأس)) فإن كان ليس وسيلة لأي منهما فأنه يترك من باب أنه أضاعه للوقت بما لافائدة منه ، خصوصاً إذا داوم عليه .
ويمكنني أن ألخص ما سبق فيما يلي:
1- إذا كان المباح وسيلة إلي مأمور به فإنه لا ينهى عنه
2- إذا كان المباح وسيلة إلي منهي عنه فإنه ينهى عنه كالشبع مثلاً
3- لا تداوم على مباح ليس وسيلة إلي مأمور به مداومة تشغلك عما هو أهم . مثل
الرحلات
4- لا يكن تركك المباح إلا لأحد الأسباب التالية :_
1) أن يكون هذا المباح مانعاً من عبادات وحائلاً دون خيرات تتركه لتتوصل الى هذه الأشياء.
2) إذا رأيت هذا المباح سيسبب لك تغيراً في نفسك كدخول الغرور إليك وإعجابك بنفسك وتكبرك على الآخرين .
3) إذا رأيت أن في هذا المباح شبهه فتورع عن الشبهات .
4) إذا كان في تناولك لهذا المباح إسراف . والإسراف يختلف من شخص إلى آخر فقد يكون الشيء عند شخص إسراف ولا يكون عند غيره كذلك .
5) إذا لم يكن لديك رغبة شخصية لهذا الشي فأنه لا بأس أن تتركه لأن المباح ليس مطلوباً فعله ولكن لا تحرمه لا على نفسك ولا على غيرك .
فأتكلم معكم أيها الأخوة عن ((بناء النفس)) في النقاط التالية:
1- أهمية الموضوع.
2- معنى بناء النفس.
3- مكونات بناء النفس .
4- العوامل المساعدة في بناء النفس.
5- معوقات بناء النفس.
6- آثار عدم بناء النفس.
7- نماذج من البناة .
أولاً:أهمية الموضوع :
تتضح أهمية هذا الموضوع في النقاط التالية:
1- التقصير الملحوظ في هذا الموضوع من قبل المسلمين، فاهتمامهم ببناء أنفسهم ضعيف.
2- كثرة الفتن والشهوات في هذا العصر مما يحتاج إلى مواجهتها ببناء النفس.
3- أن ما تعود عليه الإنسان في صغره يستمر معه في كبره.
4- أن المسلم داعية يعمل على بناء الآخرين مما يحوجه إلى بناء نفسه أولاً.
5- الآثار الإيجابية المترتبة على بناء النفس ،ولعل أهمها الفوز برضوان الله والجنة.
6- الآثار السلبية المترتبة على ترك بناء النفس ، ولعل أبرزها أنك ستحاسب عن ذلك يوم القيامة.
ثانياً:معنى بناء النفس :
أقصد ببناء النفس : تربية النفس على القيام بأعمال تقرب إلى الله مع ترك أعمال يخاف من تأثيرها على السير إلى الله .
ثالثاً:مكونات بناء النفس:
ينبغي للمسلم الصالح أن يبني نفسه على جملة من الأمور أهمها ما يلي :
1- طلب العلم الشرعي :
انتم أيها الاخوة تعرفون أن العلم افضل ما طُلب وأ شرف ما رُغب فينبغي لمن زهد في العلم كما يقول الماوردي أن يكون فيه راغباً ولمن رغب فيه أن يكون له طالباً ، ولمن طلبه أن يكون منه مستكثراً ولمن إ ستكثر منه أن يكون به عاملاً.
والآيات في الدلالة على فضل العلم وطلبه كثيرة ، منها : قول الله تعالى : (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)) (الزمر:9).
فمنع سبحانه المساواة بين العالم والجاهل ، كما خص به العالم من فضيلة العلم .
وقال تعالى (( وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)) (العنكبوت:43)
فنفى أن يكون غير العالم يعقل عنه أمراً أو يفهم منه زجراً.
وقال تعالى (( شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ...)) (آل عمران)
فاستشهد الله العلماء دون غيرهم من البشر وقرن شهادتهم بشهادته سبحانه، وشهادة الملائكة ولا يستشهد الله إلا العدول .
وأمر الله نبيه صلى الله علبه وسلم أن يسأله مزيداً من العلم فقال (( وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً)) (طه:Surprised4).
وأخبر الله عن رفعه لدرجات أهل العلم و الأيمان (( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)) (المجادلة:Surprised).
والأحاديث جاءت بمدح العلم وأهله من ذلك : (( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )).
وحديث (( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق،ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها)).
وحديث (( من سلك طريق يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم ، وأن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء ، وان فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وأن العلماء ورثة الأنبياء وأن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً و إنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر )) .
فينبغي لك أيها الأخ أن تبني نفسك على طلب العلم ، ولابد أن تعلم أن هناك مسائل من العلم لا يسعك الجهل بها ، فتعلّمها فرض عين على كل مسلم كمعرفتك كيف تتطهر وكيف تصلي ونحو ذلك .
فإذا علمت هذه الأشياء فاطلب المزيد وذلك بالبدء في حفظ القرآن الكريم أو ما تيسر منه وبحضور الدروس العلمية ، وعندما تحضر لابد أن تحضّر قبل الحضور بأن تقرأ ما سيشرحه الشيخ ، فإذا بدأ بالشرح انتبهت له جيداً وعلقت معه التعليقات التي يذكرها ، وتكتب ما يرد في ذهنك من أسئلة ، فإن أتيحت لك الفرصة طرحتها ، وإلا تحاول البحث عن إجابتها في وقت آخر للشيخ ، ثم بعد ذلك تراجع ما شرح وتقرأه مرة أخرى وتحضر للدرس القادم ، بمعنى أنك تكون حاضر الذهن دائماً مطبقاً لمنهج التعلم ، وبإمكانك معرفة منهج التعلم بالرجوع إلى الكتب المؤلفة في طلب العلم ، ولا تنس الاستماع إلى الأشرطة العلمية والاستزادة من قراءة الكتب القراءة الصحيحة لا مجرد المطالعة، وأن استطعت زيارة العلماء للاستفادة من توجيهاتهم وسؤالهم عما يشكل عليك ، كذلك لا تنسى محاولة التلخيص لما تعلمت وإعداد البحوث في مسألة ما أ شكلت عليك ، أو تريد تجليتها ، ومن ثم تحرص على إلقائها على من هم دونك فإن هذا يثبت معلوماتك على أن يكون بحثك هذا عرضته على من هو أعلم منك حتى يصحح لك ما فيه من أخطاء ، أو تثير هذه المسائل في مقابلاتك الشخصية لتستفيد تثبيت معلوماتك وتستفيد جعل مجلسكم مجلس علم.
و أما مجرد الحضور لحلقة الشيخ دون إحضار كتاب أو مع إحضار الكتاب ولكن دون تعليق فمثل هذا لن يستفيد الفائدة العلمية الحقه .ولن يحصل إلا على بركة حلقة العلم وربما بعض الشوارد التي تعلق في ذهنه.
2- العبادة :
هي الغرض من خلق الجن والإنس (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) (الذاريات:56)
وهي الغرض من إنزال الكتب وإرسال الرسل (( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ)) (النحل:36)
وأمر بها حتى الموت (( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)) (الحجر:99)
وهي الصلة الروحية بين العبد وربه وهي الو سيله لغفران الذنوب وتكفير السيئات وباختصار هي السبب للحصول على رضا الله والجنة ، ولذا عليك أن تبني نفسك على العبادة وتجعلها خالصة لوجه الله تابعاً فيها الرسول صلى الله عليه وسلم مواظباً عليها بقدر ما تستطيع مسارعاً إليها ، مقدماً الفرائض تؤديها إيماناً واحتساباً محاولاً إكمالها بخشوعها وأركانها وواجباتها بل ومستحباتها . وأول هذه الفرائض الصلاة . تبني نفسك على التبكير إليها ، فإنك إذا عودت نفسك ذلك اعتادت عليه ولم يشق عليك ، تؤديها بخشوعها وإكمال لسننها وأبن نفسك على آلا تستعجل فيها .كذلك تحرص على السنن الراتبه تبني نفسك على عدم تركها ، ثم بقية النوافل وأهمها صلاة الليل حاول أن تبني نفسك على قيام الليل ولو جزءً يسيراً في البداية ، المهم أن تحرص آلا يفوتك الليل دون قيام جزء منه ولو عشر دقائق ولو ركعتين ، كذلك صوم النافلة لو عودت نفسك على صيام الاثنين أو الخميس أو كليهما ، أو ثلاثة أيام من كل شهر أو أيام البيض لاعتادت ذلك ، نعم قد تواجه مشقة في البداية ولكن ما إن تستمر على هذا العمل حتى يصبح أمراً ميسوراً بالنسبة لك بل إنك لا تستطيع تركه ، كذلك قراءة القران تبني نفسك على آلا يمضي اليوم دون أن تقرأ وليكن أقل ما تقرأ جزءاً فان أردت الزيادة فهو افضل إلى عشرة أجزاء . المهم أن تربي نفسك آلا يمضي يوم دون قراءه . فإذا وضعت جنبك للنوم وتذكرت انك لم تقرأ هذا اليوم فأنهض مسرعاً فزعاً كمن لدغته عقرب . وأقرا ما فاتك ، إذا استمر وضعك كذا فإنك لن تترك القراءة . كذلك الأذكار لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله عود نفسك على كثرة الذكر وان لسانك لا يفتر من ذكر الله و التسبيح وتهليل وتحميد وتكبير واستغفار وهكذا في بقية العبادات .
3- الدعوة إلى الله عز وجل :-
أمر الشارع الحكيم بالدعوة ومدح من اتصف بها وحذر من تركها فقال الله تعالى (( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ...)) (آل عمران:104)
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي بن آبى طالب (( لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ))
وقال صلى الله عليه وسلم (( من كتم علماً ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار ))
فلابد تبني نفسك على الدعوة إلى الله بدراسة منهج النبي الدعوي والانطلاق على ضوئه ولا بد أن تتنبه إلى آلا تحصر ذهنك في جانب واحد من جوانب الدعوة . إنما خذ من الجوانب ما يناسبك . كما لا تحصر ذهنك في طائفة معينة بل ادع كل من رأيت وفي أي مكان وزمان ، وأجعل الدعوة هاجساً لك دائماً في بالك ، بعض الناس إذا كان مع مجموعة حصر ذهنه في الدعوة بهذه المجموعة . أو ما ينبثق عنها ويترك الأخرى يا أخي الدعوة ليست محصورة ادع كل الناس وفي كل مكان وكل زمان سواء بإلقاء كلمة في المسجد أو في المجالس أو الاستراحات أو على الشاطئ بمعنى آخر في أماكن تجمع الناس ، أو توزيع الأشرطة الإسلامية والكتيبات النافعة ، أو بالكتابة في أي مجال للكتابة أو كتابة رسالة خاصة لمن تريد دعوته . أو بالمشاركة مع الدعاة وشد أزرهم أو بالقيام بالأعمال المساعدة كتصوير إعلانات المحاضرات وتوزيعها على المساجد والأماكن العامة . المهم أن تعود نفسك على الدعوة حتى لا تستطيع أن تفقدها.
4- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
والمعروف هو اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى من طاعته والإحسان إلى عباده.
والمنكر هو اسم جامع لكل ما عرف بالشرع والعقل قبحه من معصية الله تعالى وظلم عباده . فليس المقياس في معرفة المعروف والمنكر عرف الناس وتقاليدهم وما شاع بينهم . بل المقياس هو شرع الله الحكيم . لأن الناس قد يتعارفون على شيء ويألفونه ويشيع بينهم وهو في الحقيقة منكر ، كإعفاء اللحية أصبح عند بعض المجتمعات منكراً. وآما لبس الثوب والبنطلون الذي ينزل تحت الكعبين فهو أمر معروف عندهم منكر في نظر الشارع . وأنتم تعرفون فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
يقول الله تعالى (( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (آل عمران:104) .
ويقول (( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ)) (آل عمران:Surprised0)
ويقول (( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ)) (الاعراف:157)
ويقول (( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)) (التوبة:71)
ويقول عمر بن عبد العزيز كان يقال ان الله تبارك وتعالى لا يعذب العامة بذنب الخاصة ولكن إذا عمل المنكر جهاراً استحق العقوبة كلهم . وأنتم تعرفون الحديث (( ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم المعاصي يقدرون على أن يغيروا فلا يغيروا إلا أصابهم العذاب من قبل أن يموتوا))
وتعرفون قول أبي بكر(( يا أيها الناس إنكم تعرفون هذه الآية (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ )) وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( أن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمهم الله بعقاب منه )) .ولا يغيب عن أذهانكم حديث حذيفه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم )) ،(المائدة:105)
لابد يا أخي أن تبني نفسك على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تصبر على ما أصابك في سبيل الله ولا تلقي باللائمة على غيرك ، مارس أنت دورك ولا يكن همك انتقاد الآخرين في تقصيرهم في أداء أدوارهم ، مر بالمعروف وأنه عن المنكر بالكلمة الهادفة والنصيحة الحسنة بإهداء كتيب أو شريط أو نشرة صغيرة أو عن طريق الرسالة الودية أو عن طريق الهاتف أو عن طريق الصحيفة السيارة أو غيرها من الوسائل ، وتنبه إلى أنه لا يشترط أن تكون معصوماً لتقوم بهذه المهمة . حتى وأنت مخطئ مقصر قم بهذا العمل ولا تجمع تقصيرين تقصير المعصية وتقصير ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . نعم جاهد نفسك على ترك المعصية ولكن لا يمنعك ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
5- ترك المعصية :
يقولون أن المعاصي بريد الكفر والمقصود بالمعصية كل عمل خالف فيه المكلف ربه سواء كان ذلك بترك ما هو واجب الفعل . أو بفعل ما هو واجب الترك مع علمه بذلك دون جهل أو نسيان ، وللمعاصي أصول ثلاثة . تعلق القلب بغير الله وغايته الشرك بالله وطاعة القوة الغضبية . وغايته القتل وطاعة القوة الشهوانية وغايته الزنا ولذلك جمع الله بينهما في قول الله تعالى (( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ...)) (الفرقان:6Cool الآية .
المعاصي كلها سبب للضلال والعقوبة والعذاب قال الله تعالى (( وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً)) (الاحزاب:36).
وقال عز وجل (( وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)) (الجن:23) . قال بلال بن سعد رحمه الله ( لا تنظر إلى صغر الخطيئة أو المعصية ولكن أنظر إلى من عصيت )وقال علي بن أبى طالب لأبنه الحسن رضي الله عنهما : " يا بنى أحذر من أن يراك الله عند معصية ، ويفقدك عند طاعة فتكون من الخاسرين " وقال النبي صلى الله عليه وسلم (( إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وذا بعود ، حتى حملوا ما انضجوا به خبزهم ، وان محقرات الذنوب حتى يؤخذ بها صاحبها تهلكه))
وقال صلى الله عليه وسلم (( أن المؤمن إذا أذنب نكتت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه وإن زاد زادت فذلك الران الذي ذكره الله في كتابه )) (( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ)) (المطففين:14).
أيها الأخوة : إياكم من التساهل بمعصية الله فإن ذلك موجب لسخط الله يقول النبي صلى الله عليه وسلم (( إياكم والمعصية فإن بالمعصية تحل سخط الله عز وجل)) .
فأنت يا أخي تبني نفسك قدر ما تستطيع على ترك المعاصي لاسيما الكبائر وأحذر أن تأسرك معصية ولو كانت صغيره ، فلا صغيرة مع الإصرار . وتأكد أنك إذا بنيت نفسك على معصية معينة ولو كانت صغيرة فإنها ستستمر معك حتى غي كبرك وربما جرت عليك ما هو أعظم . إذا تركت المعصية قد تتركها في البداية بمشقة وصعوبة ومجاهدة ولكن يعينك الله فيما بعد فيسهل عليك تركها وربما لم تعد نفكر بها أصلاً .
6- حسن الخلق :
لحسن الخلق مكانة رفيعة في الإسلام فقد أثنى الله على نبيه لحسن الخلق فقال (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) (القلم:4)
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
(( إنما بعثت لتمم مكارم الأخلاق))
بل كان صلى الله عليه وسلم يدعو ربه أن يهديه لأحسن الأخلاق (( اللهم أهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ))
وتعوذ من منكرات الأخلاق فقال (( اللهم أني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأدواء)) .
وحث الناس على حسن الخلق فقال (( وخالق الناس بخلق حسن))
وحسن الخلق يدخل الجنة ( سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال (( تقوى الله وحسن الخلق ))
فأبن نفسك على كريم الأخلاق ن فلا تتكلم ألا بصدق سألت عائشة الرسول صلى الله عليه وسلم بم يعرف المؤمن قال (( بوقاره ولين كلامه وصدق حديثه ))
وفي الحديث (( عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر ))
فإن كذبت في حديثك مرة ومرة وبنيت نفسك على هذا عسر عليك مفارقته حتى تكتب عند الله كذاباً . كذلك تتعامل بالأمانة وتراعيها قال تعالى (( وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)) (المؤمنون:Cool
ويقول الرسول عليه السلام (( لا إيمان لمن لا أمانة له))
فتربي نفسك على أن تقوم بالأمانة الملقاة على عاتقك خير قيام فإن كان عندك علم بلغته ولم تكتمه . وإن كان عندك حق لأحد أديته ، وتقوم بعملك ووظيفتك على أكمل وجه ، وتحافظ على زوجتك وأولادك فهم أمانة ، أيضاً بنيت نفسك على الحياء واكرم به من خصلة تمنع من فعل القبيح والحياء من الأيمان ولاياتي ألا بخير وكان صلى الله عليه وسلم (( أشد حياء من العذراء في خدرها ))
ومن الأخلاق الحسنة التي ينبغي أن تبني نفسك عليها الحلم والتواضع والصبر والكرم وغيرها من الأخلاق
7- ترك التوسع في المباحات :
من المأكل والمشرب والملبس والمنكح والمنام ونحو ذلك فأن الانشغال بها انشغال عما هو أهم من الطاعات ونوافل الخير . بل الاشتغال بها والتوسع فيها وربما أدى إلى أن تجره إلى مالا يحمد وقد كان السلف لا يتوسعون في المباحات وقد ذم اله من أذهب طيباته في حياته الدنيا وقال صلى الله عليه وسلم (( أخوف ما أخاف عليكم من أن تفتح عليكم الدنيا )).
ولكن هل يعني هذا أننا نترك المباحات ؟ أقول لا أيها الأخوة فالله عز وجل أمر بالتمتع بالطيبات فقال (( كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً)) (البقرة:168)
وقال (( كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ )) (البقرة:57)
وأنكر على من حرم الطيبات فقال (( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ )) (الاعراف:32)
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو أعبد الناس وأزهدهم يحب العسل ويأكل اللحم وتعجبه الزراع ويحب الطيب والنساء وهي من متع الحياة المباحة بل نهى عن ترك المباح بالكلية فنهى من أراد التبتل ونهى من يريد حرمان نفسه من اللحم ومن يريد حرمان نفسه من الزواج ويريد حرمان نفسه من النوم ، وأقر سلمان عندما أنكر على أبي الدرداء إ انشغاله عن أهله وإن لأهلك عليك حق . إذاً ما الضابط في هذا أقول :
إن المباح إما أن يكون وسيلة إلى مأمور به أو وسيلة إلى منهي عنه أو لا يكون وسيلة الى أي منهما . فإن كان وسيلة إلى مأمور به فهو مطلوب فعله كما في الحديث (( نعم المال الصالح للرجل الصالح))
وكما في الحديث (( ذهب أهل ألد ثور بالأجور ))
وإن كان وسيلة إلى منهي عنه أخذ حكمه كما جاء عن بعض السلف (( كنا ندع مالا بأس به حذراً مما به بأس)) فإن كان ليس وسيلة لأي منهما فأنه يترك من باب أنه أضاعه للوقت بما لافائدة منه ، خصوصاً إذا داوم عليه .
ويمكنني أن ألخص ما سبق فيما يلي:
1- إذا كان المباح وسيلة إلي مأمور به فإنه لا ينهى عنه
2- إذا كان المباح وسيلة إلي منهي عنه فإنه ينهى عنه كالشبع مثلاً
3- لا تداوم على مباح ليس وسيلة إلي مأمور به مداومة تشغلك عما هو أهم . مثل
الرحلات
4- لا يكن تركك المباح إلا لأحد الأسباب التالية :_
1) أن يكون هذا المباح مانعاً من عبادات وحائلاً دون خيرات تتركه لتتوصل الى هذه الأشياء.
2) إذا رأيت هذا المباح سيسبب لك تغيراً في نفسك كدخول الغرور إليك وإعجابك بنفسك وتكبرك على الآخرين .
3) إذا رأيت أن في هذا المباح شبهه فتورع عن الشبهات .
4) إذا كان في تناولك لهذا المباح إسراف . والإسراف يختلف من شخص إلى آخر فقد يكون الشيء عند شخص إسراف ولا يكون عند غيره كذلك .
5) إذا لم يكن لديك رغبة شخصية لهذا الشي فأنه لا بأس أن تتركه لأن المباح ليس مطلوباً فعله ولكن لا تحرمه لا على نفسك ولا على غيرك .