شبكة ابداع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شبكة ابداع

عذرا ... جارى عمل تجديدات شاملة بالمنتدى


    كيف نتعامل مع ذكرى الاسراء والمعراج

    بنت الاسلام
    بنت الاسلام
    عضــو فضــى
    عضــو فضــى


    حالتك ايه دلوقتى ؟ : كيف نتعامل مع ذكرى الاسراء والمعراج 66w8x1
    انثى
    العمر : 36
    عدد المشاركات : 1158
    العمل/الترفيه : network and security engineer
    التقييم : 260

    كيف نتعامل مع ذكرى الاسراء والمعراج Empty كيف نتعامل مع ذكرى الاسراء والمعراج

    مُساهمة من طرف بنت الاسلام الثلاثاء يوليو 06, 2010 11:34 pm





    لقد جرت العادة في عالمنا العربي والإسلامي أن تحتفل الدول الإسلامية في مثل هذه الأيام بذكرى الإسراء والمعراج على صعيدين اثنين: صعيد رسمي وصعيد شعبي.

    كما جرت العادة على توجيه عواطف الناس عن طريق هذه الذكرى وتهييجها إلى ضرورة استعادة الأقصى والعمل على تطهير هذه الأرض المقدسة من دنس الصهاينة واليهود المحتلين.

    وبقطع النظر عن الخلاف الواقع في تأريخ هذه الذكرى؛ بل هذه الخارقة التي أكرم الله عزَّ وجلَّ بها نبيّنا محمداً صلَّى الله عليه وعلى آله وسلّم، فإن إحياء هذه الذكرى عمل مبرور، بل هو عمل مطلوب، ولكن بشرط واحد هو ألا يكون المراد من إحيائها توظيف هذه الذكرى لغاية، بل ينبغي أن يكون المراد بإحيائها تجديد العهد مع الله الذي ابتعث رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، وأيَّده بهذه الخارقة.

    ينبغي أن يكون الدافع إلى إحياء هذه الذكرى عوداً حميداً إلى صراط الله سبحانه وتعالى، واصطلاحاً معه سبحانه بعد طول شرود، وبُعد كثير من الانحراف عن نهجه وصراطه. أما أن يُقبِل الناس على صعيد رسمي أو شعبي إلى الاحتفال والاحتفاء بهذه الذكرى على سبيل التوظيف له من أجل غايات أيّاً كانت، فهذا ما لا يقبله الله عزَّ وجلَّ.

    المسألة فيما يتعلق بالتعامل مع الله عزَّ وجلَّ تختلف عن التعامل مع عباد الله، ربُّنا سبحانه وتعالى يقول: {وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 98/5].

    ونحن أيها الإخوة يبدو أننا عندما ننتهز هذه الفرصة في مثل هذا الشهر أو هذه الأيام إنما ننتهزها لنوظف الذكرى لغايات معينة فإذا مرت هذه الذكرى ومرت مناسبتها انحسر سلطانها عنا، ولم يبقَ أثر لها على سلوكنا أو على توجهاتنا أو على عقائدنا ربما وأفكارنا.

    وهذا الأمر بهذا الشكل لا يرضي الله سبحانه وتعالى، نحن نحتفل بذكرى هذه الخارقة الكبرى المتمثلة في الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم العروج به في الليلة ذاتها إلى السماوات العلى، والعالم العربي كله ربما يحتفل بهذه الذكرى، ولكن كم هم الذين يؤمنون إيماناً حقيقياً بهذه الخارقة؟ كم هم الذين يوقنون بأنه الله عزَّ وجلَّ أسرى بعبده في تلك الليلة إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماوات العلى سماءً إثر سماء إثر سماء، حتى وصل إلى سِدرة المنتهى؟ كم هم؟

    إنني لأصغي السمع فأجد الكثرة الكاثرة ممن يسمون أنفسهم مثقفين، لا يقيمون لهذه الخارقة الكبرى وزناً، والمعتدلون منهم الذين يزعمون أنهم مؤمنون بالله ورسوله يزعمون أنها خارقة مست الروح فقط ولا علاقة لها بالجسد، وأنه صلَّى الله عليه وسلَّم إنما أسري بروحه، وإنما عرج بروحه أيضاً، فهي لون من ألوان الرؤى أو المنامات لا أكثر. كيف يمكن أن نجمع بين الاحتفال المبهج بذكرى هذه الخارقة في مجتمع الكثيرون منه مرتابون بهذه الخارقة العظمى، بل الكثير منهم كما رأيت وسمعت يستخفُّ ويستهزئ بها.

    خارقة الإسراء والمعراج تضمنت فيما تضمنت خطاباً من الله عزَّ وجلَّ لهذه الأمة عن طريق رسوله المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم في تلك الليلة، تضمن أمرها بخمس صلوات في اليوم والليلة، هي خمس صلوات في العمل والتنفيذ، وخمسون في الأجر، وعاد المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم ينبئ أصحابه ويبلغهم هذه الفريضة ذات الأهمية القصوى، من أجل أن ينهض الكل بها ومن أجل أن يكون تنفيذها مظهراً للعهد الذي بين العبد وربِّه سبحانه وتعالى، فأين هي مظاهر الالتزام بهذه الفريضة التي تنزلت علينا لليلة الإسراء والمعراج؟ أين هي المؤسسات؟

    أين هي المرافق التربوية والاجتماعية والمختلفة، التي تعتز بتنفيذ هذه الشعيرة، التي هي مظهر من مظاهر ليلة الإسراء والمعراج؟ أين ظاهرة الالتزام بالصلوات الخمس في كل الأصعدة وفي كل المرافق؟ وأحيل هذه المرافق إلى أفكاركم وإلى أذهانكم، ألا تعلمون أن فيها في هذه المرافق ما يستخف بهذه الشعيرة، بل ما يحاربها.

    خارقة الإسراء والمعراج تضمنت فيما تضمنت مظهراً بل مثالاً لألوان من الناس سيعذبون يوم القيامة، بسبب معاصٍ خطيرةٍ عكفوا عليها في دنياهم: من ذلك الرِّبا، من ذلك الفواحش، إلى آخر ما هنالك.

    وعاد المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم ينبئُ أصحابه بهذا الذي مَثُل له بين عينيه مظهراً للعذاب الواصل الذي سيناله التائهون يوم القيامة، العاكفون على كثير من الموبقات التي حذَّر الله عزَّ وجلَّ منها، فأين نحن من الابتعاد عن هذه الموبقات؟ ونحن الذين نحتفل بذكرى الإسراء والمعراج. أين نحن من الوقوف في وجه الفواحش؟ أين نحن من الوقوف في وجه طريق إلى هذه الفواحش؟ أين نحن من استثارة العوامل التي تدعو إلى هذه الفواحش؟

    ذكرى الإسراء والمعراج لها دلالاتها الاعتقادية والسلوكية والأخلاقية، والاحتفال بهذه الذكرى إنما يعني الانضباط الحق الصادق بمعتقداته، ثم الانضباط الحق الصادق بالسلوكيات المنبثقة عنه، هكذا يكون صدق الاحتفال والاحتفاء بذكرى الإسراء والمعراج.

    أما أن نظل على نهجنا الذي نسير عليه، وأما أن نظل شاردين عن صراط الله سبحانه وتعالى، وقد اختلط في مجتمعاتنا الحابل بالنابل، إيمان من جانب ورفض من جانب، وريبة من جانب وتقصير وإعراض عن معظم الأوامر الرَّبانية التي وجهها الله عزَّ وجلَّ إلينا وخاطبنا بها، لاسيما في ليلة الإسراء والمعراج؛ إذن فنحن نوظف الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج، وتوظيف هذه الذكرى شيء والعمل بمقتضاها شيء آخر.


    ربما يلتبس الأمران عندما نتعامل مع أناس على شاكلتنا، عندما تتعامل دولة مع دولة، أناس مع أناس، لكن عندما يتعامل العبد مع مولاه وخالقه، عندما يتعامل العبد مع ربِّه الذي يعلم السِّر وأخفى والقائل في محكم تبيانه: {سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ} [الرعد: 13/10]، في هذه الحالة الأمر لا يلتبس.

    ربُّنا سبحانه وتعالى طيبٌ لا يقبل إلا طيباً، ربُّنا سبحانه وتعالى يأمرنا أن نكون مع الصادقين، وأن نكون منهم، ربُّنا سبحانه وتعالى يأمرنا أن نُخْلِصَ دينَنا لله سبحانه وتعالى وألاّ نجعل منه مجرد أُطُرٍ نزيِّن بها حياتنا الاجتماعية في مناسبات تأتي ثم تمرُّ.

    من هنا نعلم الجواب الشافي المنطقي عن سؤال كثيراً ما يتردَّد: ها نحن نحتفل في مثل هذه المناسبة بذكرى الإسراء والمعراج، تُلقى القصائد الطَّنانة والخُطب الرَّنانة، وربما أُذيعت وبُثَّت في الفضائيات المختلفة، وانتقلت أصدائُها شرقاً وغرباً، فلماذا لا نجد ثمرة ذلك انتصاراً؟

    سؤال غبي، سؤال لا يمكن أن يمرَّ تحت مصباح عقل متبصِّر أبداً. ربُّنا سبحانه عندما يعلم أننا مخلصون في احتفالاتنا هذه، وأننا نجعل منها تجديد عهد مع الله، وتجديد توبة صادقة إلى الله سبحانه وتعالى، وعندما نجعل منها اصطلاحاً مع الله، أن نقوِّمَ اعوجاجنا، وأن نتدارك تقصيرنا، فنقوم بالواجبات التي تمليها علينا خارقة الإسراء والمعراج في مختلف مؤسساتنا التربوية والاجتماعية والعسكرية المختلفة، فإن الله عزَّ وجلَّ سيسارع بالنصر، هو القائل وهو الصادق فيما قال: {وَكانَ حَقّاً عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 30/47] ولكن الإيمان ليس بالتَّمني ولا بالتَّحلي.

    الإيمان إنما ينبع من قلب صادق مع الله عزَّ وجلَّ، إنما ينبع من كيان خضع عقله ثم خضعت عواطفه للمولى سبحانه وتعالى، عندئذ تثمر الاحتفالات بذكرى الإسراء والمعراج ثمراتها المرجوة. أما أن نوظِّف هذه المناسبات كواجب اجتماعي أو تقليد عرفي، فهذا شيء يمكن أن يتعامل على أساسه الناس بعضهم مع بعض، أما أن يتعامل العبد على هذا الأساس مع ربِّه فهذا مرفوض والله سبحانه وتعالى لا يتقبل مثل هذا العمل المنطوي على الكذب والمنطوي على النفاق والرِّياء.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم


    :

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 10:27 pm